الصحة النفسية للموظفين الرومانيين
وفاة موظفين اثنين في العمل في عام 2024 والحكم غير المسبوق الذي أصدرته محكمة رومانية في فبراير شباط الماضي بإدانة شركة بتهمة إرهاق إحدى موظفاتها لفتا انتباه الخبراء والمختصين بشؤون العمل

Diana Baetelu, 13.03.2025, 15:30
وفاة موظفين اثنين في العمل في عام 2024 والحكم غير المسبوق الذي أصدرته محكمة رومانية في فبراير شباط الماضي بإدانة شركة بتهمة إرهاق إحدى موظفاتها لفتا انتباه الخبراء والمختصين بشؤون العمل . الإحصائيات الرسمية تؤكد أن الضغط على الموظفين أصبح ظاهرة معممة في رومالنيا . فقد أظهرت دراسة استقصائية شارك فيها ثلاثة آلاف وخمسمائة موظف أن ثمانية وأربعين بالمائة منهم يعانون مرارا من أعراض القلق في العمل في حين أن ثلاثة وأربعين بالمائة منهم لا يخصصون إلا ثلاث ساعات في الأسبوع للاسترخاء كحد أقصى.
كورينا نياغو خبيرة الموارد البشرية لها خبرة تزيد عن عشرين عاما في هذا المجال وهي مؤسسة شركة استشارية تساعد المؤسسات على تنمية مواردها البشرية ومساعدة موظفيها على اكتشاف وتطوير مواهبهم. وتقول كورينا أن انخفاض المستوى التعليمي للمواطنين باستمرار على مدى الخمس وثلاثين سنة الماضية فضلا عن إهمال أهمية التربية العاطفية يمثلان السببين الرئيسين لمشاكل الصحة النفسية المرتبطة بالعمل. وتعتقد كورينا نياغو أنه ينبغي على المدارس الرومانية أن تعمل على تحسين أدائها بحيث تكون قادرة على تطوير المهارات المفيدة لطلابها في سوق العمل فيما بعد :
” المدرسة الرومانية أوصلتنا إلى ما نشهده اليوم من إخفاقات في تنمية المهارات من جهة ومراعاة مشاعر الأطفال من جهة أخرى وفي الحالة الأخيرة يكمن السبب إما في عدم وجود الآباء إلى جانب الأطفال لأنهم يعملون في الخارج أو لافتقارهم إلى الاستعداد العاطفي للتعامل مع أطفالهم على النحو المطلوب . أو في حالات أخرى وخاصة في المناطق الريفية تكون العلاقات الأسرية غير سليمة أو معيبة نتيجة إساءة المعاملة والاعتداءات بكافة أشكالها . بعبارة أخرى فإن الآباء لا يعرفون كيف يعاملون أنفسهم معاملة حسنة حتى يتمكنون من إدارة علاقتهم مع أطفالهم بشكل صحيح . فكل ما سبق أصلنا كشعب إلى حالة عاطفية ونفسية معيبة . البلدان المتحضرة تضع سياسات واستراتيجيات وبرامج وطنية لتحقيق الرفاهية وضمان السلامة النفسية للموظفين في مكان العمل.”
تعتقد كورنيا نياغو أنه حان الوقت للتخلي عن أنماط السلوكيات والاستجابات القديمة . فالخوف على سبيل المثال والذي كان أداة رئيسية في يد النظام الشيوعي لإبقاء الشعب تحت السيطرة لا يزال يحكم العلاقات بين مختلف درجات السلم الوظيفي في حين أن انعدام ثقافة العمل في الفريق من جهة والسلوك الفردي الناجم عن سوء فهم طبيعة العمل في الفريق من جهة أخرى هي تجليات إرث ثقافي معين:”نموذج ثقافي آخر موروث يتمثل في ترددنا في الإدلاء بآرائنا وعدم اعتيادنا على التعليق أو تقديم الملاحظات أو تلقيها وهذا النموذج الثقافي حاضر بقوة في العلاقات بين الآباء والأطفال .
ففي الماضي كان ممنوعا على الأطفال أن يتحدثوا أمام آبائهم . زد على ذلك أدوات الإكراه التي تسنخدم في المنزل وفي المدرسة على السواء. فكل هذه النماذج الثقافية القديمة لا تزال منتشرة في المجتمع .”
يشدد خبراء الموارد البشرية على دور المنظمات في تحقيق رفاهية الموظفين خاصة والمجتمع عامة :”الأشخاص المكلفون بصنع القرار في الشركة ينبغي عليهم أن يضعوا رفاهية الموظفين على رأس قائمة الأولويات . لماذا ؟ لأن الموظفين هم الذين يهتمون بزبائن الشركة المحليين منهم والأجانب.
ولكن الاعتناء بالموظفين لا يجب أن يقصتر على دفع الرواتب لهم في نهاية الشهر بل يجب أن يشمل أيضا توفير مساحة عمل مناسبة وخلق مناخ ملائم يحفز على التعبير عن أنفسهم ويشجهعم أن يكونوا أنفسهم وأن يكونوا حقيقيين .وإذا تحقق ذلك فإن الموظف لن يشعر بسيف مسلط على رأسه كلما عبر عن رأي مختلف عن رأي مديره بل سيشعر براحة تامة كلما عبر عن وجهة نظره الحقيقة بحرية دون أن يخشى أي عواقب محتملة ودون أن يتعرض المضايقة أو التهميش أو التسريح .”
أظهرت نتائج استطلاع أجرته منصة بيست جوبز العام الماضي أن رضا الموظفين الرومانيين عن وظائفهم انخفض إلى أدنى مستوياته على مدى السنوات الثلاث الماضية. فقال ثلاثة أشخاص فقط من بين كل عشرة مشاركين في الدراسة أنهم راضون عن وظائفهم بينما قال ستة من كل عشرة موظفين إن عملهم يؤثر على حياتهم الشخصية. لكن البشرى السارة أن هناك العديد من المنظمات غير الحكومية التي تساعد الشركات والموظفين على تطوير بيئات عمل ملائمة وعلاقات عمل أكثر إجابية بين الأفراد يحكمها التواصل السليم والتعاطف .