تحديات نظام إعلامي دائم التغير
التطورات التي يشهدها الإعلام تثبت أن النظام البيئي الإعلامي قد تغير تماما

Diana Baetelu, 10.03.2025, 15:30
التطورات التي يشهدها الإعلام تثبت أن النظام البيئي الإعلامي قد تغير تماما. جاء ذلك في تصريح للأستاذة الجامعية ألينا برغاوانو الخبيرة الأوروبية في مجال مكافحة التضليل والعضو في المجلس الاستشاري للمرصد الأوروبي للإعلام الرقمي في حديث لراديو رومانيا تناولت فيه الحرب الإعلامية والمعرفية والتلاعب بالخوارزميات على الشبكات الاجتماعية من أجل تزييف الواقع. وقالت أن كل حقبة تاريخية قد برزت فيها وسيلة إعلام معينة فرضت نفسها على الوسائل الأخرى ولكن وتيرة التغيرات التي يشهدها الإعلام عالية للغاية لدرجة أن الناس يشعرون بالقلق والإرهاق والارتباك لمجرد أنهم غير قادرين على مواكبة تلك التغيرات والتكيف معها بنفس الوتيرة:
“شهدت وسائل الإعلام الرومانية تغيرات جذرية خلال فترة غير طويلة من الوقت وتحديدا منذ عام عام 1989 عندما لم تكن هناك سوى قناة تلفزيونية واحدة تبث لمدة ساعتين فقط يوميا . كان في كل بيت تقريبا جهاز تلفازيون . ولكن بعد التقشف الإعلامي إبان الحقبة الشيوعية والذي استمر حتى عام 1989 تطور الإعلام بشكل لم يسبق له مثيل ابتداء بالصحافة المكتوبة مع ظهور العديد من الصحف اليومية والأسبوعية الجديدة واتنتهاء بإنشاء القنوات التلفيزيونية التجارية مرورا بإنشاء محطات إذاعية جديدة .وأخيرا ظهرت القنوات التلفيزيون الإخبارية التي تبث برامجها على مدار الساعة.وقد تنوع الفضاء الإعلامي بإنشاء المدونات والمواقع الإلكترونية للصحف المكتوبة وأخيرا شبكات التواصل مما أضفى زخما متزايدا على فضاء المعلومات .
زد على ذلك أنه ما لبث أن تكيفنا مع فيسبوك حتى ظهرت منصات مماثلة أخرى عديدة بعضها مرئي سمعي وما لبث أن تكيفنا مع تلك المنصات الجديدة حتى ظهر الذكاء الاصطناعي و”تشات جي بي تي” بكل تلك الإمكانيات التكنولوجية الهائلة لصنع المحتوى. أما إذا انحصر الحديث في رومانيا فمن الملاحظ أننا انتقلنا خلال خمسة وثلاثين عاما فقط من قناة تلفيزيونية واحدة تبث لمدة ساعتين فقط كل يوم إلى قصف إعلامي حقيقي بمحتويات متنوعة .”
أصبح المجتمع أسيرا لهذه الدوامة الإعلامية التي تحاصره من كل صوب وحدب والتي تستفيد إلى حد كبير من التكنولوجيات الجديدة . فمنذ فترة ونحن لم نعد نتحدث عن مجرد تشويه للحقيقة والواقع بل نتحدث عن حرب إعلامية أو حرب سياسية إعلامية أو حتى عن حرب معرفية .الأستاذة الجامعية ألينا بارغوان :”في هذه اللحظة يتحول النظام البيئي الإعلامي إلى سلاح . ففي كثير من الأحيان يمكن تحويل المنصات الرقمية إلى أدوات لتغيير الواقع والإدراك وفرض دكتاتورية العواطف. لهذا السبب لا بد أن تكون قوة الدفاع عن هذا السلاح متناسبة مع قوته هو .وهذا يعني أنه يجب ألا ندع الناس يدافعوا عن أنفسهم بمفردهم”.
من ناحية أخرى كانت وسائل التواصل الاجتماعي أداة للتحرر ساهمت في الإطاحة بأنظمة استبدادية وحكومات دكتاتورية بحسب الأستاذة الجامعية ألينا بارغوانو. ورغم الإحباط وعدم الرضا عن وسائل التواصل الاجتماعي إلا أنه لا ينبغي حصرها في تلك الجوانب المظلة ولا ينبغي أن نغفل أنها ساهمت في دمقرطة المجتمعات – شريط :
“اقتحمت منصات التواصل الاجتماعي وسائل الإعلام التقليدية والسبب في ذلك يكمن في أن الإعلام التقليدي ظل مغلقا أمام الأصوات الجديدة مما أتاح لتلك المنصات أن تكون هي التي أفسحت المجال إلى الأصوات الجديدة تلك .
لكن من جهة أخرى أصبح الجانب المظلم لمنصات التواصل الاجتماعي جليا للعيان لأن تقدمها التكنولوجي يسمح لها بالتلاعب في طريقة انتشار المحتويات . فهناك شركات مختصة تقوم بإيجار السحابة الرقمية حيث يتعين على المستأجر أن يدفع مبلغا معينا من المال إذا ما أراد أن يحصل على المزيد من الإعجابات . بكلمة أخرى فإن تلك الشركات تقوم بإيجار جمهور رقمي . ذلك أن الدماغ البشري يعالج مدى التفاعل مع المحتوى على أنه مؤشر على شعبية صانعها وثم مؤشر على المصداقية.”
يرجع ذلك إلى أن شعبية المعلومات المنشورة على منصات التواصل الاجتماعي يفسرها دماغنا على أنها مؤشر على صحتها. وتقول ألينا برغوانو إنه بما أن سرعة انتشار المحتويات تمثل سلاحا فاعلا فإن منصات التواصل الاجتماعي تعمل على خلق سرعات مختلفة لانتشار المحتوى. ولكن من ناحية أخرى يمكن تنفيذ الهجمات المعرفية أيضا باستخدام أخبار ومعلومات صحيحة لأن المحتويات التي تنتشر بسرعة ليست مشوهة أو زائفة بالضرورة. وفي تلك الحالة يحدث التشويه بسبب زيادة عدد الإعجابات وزيادة شعبية المحتوى نتيجة التلاعب بالخوارزميات تفسر على أنها مؤشر على صحة المحتوى . وتعتقد ألينا بارغاوان أن قوة الذكاء الاصطناعي تنبع من