Category: شؤون المجتمع

  • وسائل النقل البديلة في بوخارست

    وسائل النقل البديلة في بوخارست

    تُستعمل الدراجة العادية، على مدى واسع في عدد كبير من الدول الأوربية كوسيلة صحية للنقل، ولقد بدأت تنتشر تدريجيا في رومانيا أيضا. في الأعوام الأخيرة، ازداد عدد مستعملي الدراجات في المدن الكبيرة في رومانيا، من الشباب ومتوسطي العمر وكبار السن، سواء كان تنقلهم للنزهة والترفيه أو إلى مكان العمل. لقد ظهر عدد كبير من المحلات التجارية التي تبيع الدراجات، كما تم تنظيم فعاليات تتعلق بقيادة الدراجات العادية. حول الأسباب التي جعلت الرومانيين يفضلون استعمال الدراجة في تنقلاتهم تحدثنا مع رادو ميتيتيان، رئيس اتحاد راكبي الدراجات في رومانيا، لنستمع إليه:

    من الطبيعي أن يرتفع عدد مستخدمي الدراجات، لأن الناس بدؤوا يشعرون أن السيارة لم تعد الوسيلة الدائمة لسهولة التحرك في المدن الكبيرة، لأنك على الدراجة، في العادة تكون أسرع. وهذا هو السبب الرئيسي، وليس فقط الاعتبارات المتعلقة بالصحة وسلامة البيئة المحيطة. نحن نعيش في عصر السرعة. والأهم من هذا أن ركوب الدراجة ربما يكون التمرين الجسدي الوحيد الذي نستطيع ممارستة كل يوم بسبب عدم وجود الوقت اللازم للذهاب إلى المسابح، أو ممارسة رياضة الجري أو الركض. أنا أيضا أذهب إلى العمل على الدراجة وأنا أرتدي بذة أنيقة. أنا أعمل في مدينة كلوج، و سواء استخدمت في تنقلي السيارة الشخصية أو حافلات النقل العام فالطريق تستغرق نصف ساعة، أما على الدراجة فأحتاج إلى خمس عشرة دقيقةٍ فقط.


    كم هي مستعدة أو مجهزة مدننا للتأقلم مع هذه الهواية لركوب الدراجات؟ كي نعرف أكثر عن هذا الموضوع تحدثنا إلى مدير البرامج في إطار جمعية غرين ريفوليشين أي الثورة الخضراء، كورنيليو بيلتشوغ، لنستمع إليه:

    ستصبح الدراجة وسيلة النقل البديلة في بوخارست، وهي مفيدة بحق، عندما يتم بالتوازي مع الترويج لاستعمالها، التشجيعُ على عدم استعمال السيارات في التنقل. لن نستطيع التحدث عن بوخارست غير ملوث بيئيا، بدون ضجيج و بدون انبعاثاتٍ غازيةٍ ضارة وحركةِ مرور مريحة، إذا لم تتخذ السلطات إجراءين مهمين ومرتبطين فيما بينهما: يشير الأول إلى التشجيع على عدم استعمال السيارة، سواء من خلال فَرضِ ضرائبَ أو من خلال دفع ثمن لصف السيارة في المصفات، أما الثاني فيتم من خلال إنجاز ممرات خاصة لراكبي الدراجات، وللأسف نحن اليوم لسنا في المكان الذي يجب أن نكون فيه.


    بالرغم من وجود سياسات للاتحاد الأوربي، تشجع على ركوب الدراجات، كما يوجد تمويل خاص لإنجاز البنية التحتية اللازمة لسير هذه الدراجات، لكن الحقيقة لا تُشجع، نعرف أكثر من رادو ميتيتيان رئيس اتحاد راكبي الدراجات في رومانيا، لنستمع إليه:

    في الأعوام الأخيرة، بدأت السلطات المحلية في معظم المدن الكبيرة والمتوسطة بإنجاز البنية التحتية الخاصة لسير الدراجات. ولكن للأسف توجد مشاكل كبيرة من الناحية النوعية لها، فهي غير مترابطة، إذ توجد أجزاء معزولة عن بعضها، معظمها ضيق، وهي متقطعة، ولا تملك شروط الأمان المطلوبة. لقد أُريدَ من إنجازها، تسجيل هذا الأمر فقط وشطبه من قائمة التوصيات الأوربية. إذاً لا تملك هذه المسارات الفائدة العملية التي أُنجزت من أجلها، فهي لا تشجع أبدا على ركوب الدراجات، بل إنها في بعض الأحيان تشكل خطرا على راكبي الدراجات، و يحدث هذا، لأننا لا نملك معايير مُحدَّثة ً ولا تشريعاتٍ تُلزم بهذه المعايير.


    الجمعيات المعنية بالأمر في رومانيا، كانت قد حاولت على مدى السنين أن تفاوض السلطات للحصول على البنية التحتية اللازمة وأن تغير قوانين السير والمرور المرتبطة. ماذا كانت النتائج؟ نعرف الجواب من رادو ميتيتيانو، لنستمع إليه من جديد:

    منذ أكثر من عشرين عاما، ونحن نحاول حل المسائل المتعلقة بقوانين السير والمرور، ولكننا تلقينا الوعود فقط من قبل السلطات فيما يتعلق بتحديث القوانين و تعديلها، للأسف فإن عقدين من الزمن مضيا دون أن نجني ثمارهما أو أن نحصل على أي شيء. يبدو أن الدراجة بالنسبة للسياسيين تعتبر بدعة، وأن المواطن بعد نزوله من السيارة يصبح مواطنا من الدرجة الثانية .


    في انتظار تدخل أكثر جدوى من قبل هذه السلطات، وجد المجتمع المدني حلولا، بالتعاون مع قسم من الإدارة المحلية، يُؤَمِّن من خلالها شعورا بالارتياح، على الأقل، لراكبي الدراجات عبر المدن. جمعية الثورة الخضراء , بدأت بالترويج للدراجة منذ ستة أعوام , من خلال مشروع سمي تقاسم الدراجات أنجزته بالمشاركة مع بلدية القطاع الأول للعاصمة بوخارست. ماذا حصل لاحقا ؟ نعرف الجواب من كورنيليو بيلتشوغ :

    بدأنا بعد ذلك، بمشروع إيفيلو، ذو الدراجات الصفراء، الذي أصبح معروفا في بوخارست. تم إنجاز المشروع في حدائق العاصمة أولا، ثم تابعناه في محافظات أخرى. كما أنجزنا مشروعا مخصصا للطلاب هو تقاسم الدراجات مجانا. في معظم الجامعات في رومانيا، وضعنا الدراجات تحت تصرف الطلاب مجانا لاستعمالها في التنقل بين مقر سكنهم و بين الجامعات. كما أنجزنا مشروعا آخر تحت اسم دراجات مع ربطات عنق مخصص لأصحاب الأعمال، قمنا نحن بإيصال الدراجات إلى مقرات شركاتهم وأماكن عملهم. بدأنا العام الماضي مشروعا أوربيا تحت اسم بايك تو وورك أو دراجة للعمل لتكملة المشروع السابق دراجة مع ربطة عنق. أما هذا العام فلقد بدأنا في شهر أيلول /سبتمبر أول مشروع لتقاسم الدراجات بشكل آلي، في بوخارست، بالقرب من مداخل محطات المترو ومحطات حافلات النقل العام، التي يتم استئجارها. كما أننا سنمتد إلى كامل المدينة في العام 2017 .

  • الشباب الروماني والاتحاد الأوربي

    الشباب الروماني والاتحاد الأوربي

    إذا كانت المشاركة في الحياة المدنية شرطا ضروريا للديموقراطية التي يمارسها معظم الرومانيين، فمن الحق أيضا أن يتم التحفيز عليها منذ السنين المبكرة من العمر، على الأخص عندما — وحسب الإحصائيات — يبدو أن الشبان الأوربيين يتناقضون فيما بينهم: فلقد بَيَّنَ معيار القياس الأوربي الذي تم إنجازه في شهر أبريل/ نيسان من هذا العام، أنه على مستوى الاتحاد الأوربي واحد و خمسون % من الشبان المتراوحة أعمارهم ما بين الستة عشر والثلاثين عاما، يعتبرون أن المشاركة في الانتخابات الأوربية هي الطريقة المثلى للمشاركة في الحياة المدنية الأوربية. لكن السلوك الانتخابي الحقيقي لهؤلاء يُظهر فارقا مُهِمَّاً بين القول والفعل. سبعة وعشرون فاصلة ثمانية % من بين الشبان الأوربيين، شاركوا فعليا في الانتخابات من أجل البرلمان الأوربي التي تمت في شهر مايو/ أيار عام 2014. في الوقت نفسه، يشير معيار القياس الأوربي إلى أن 90 % من هؤلاء الشبان في المتوسط الأوربي، لا يعتقدون أنه من المهم بالنسبة لهم أن يتعلموا أشياء حول الاتحاد الأوربي، أو حول المؤسسات الأوربية. أما فيما يتعلق برومانيا، فالأمور أفضل لأن 89 % من المستطلعة آراؤهم هنا، موافقون على هذا الأمر. وعليه، قرر مكتب البرلمان الأوربي في رومانيا أن يدعم رغبة الشبان في التعلم والمشاركة، من خلال مشروع “محرك من أجل الديموقراطية الأوربية”. جرت في العام 2016، الدورة الثانية للحدث، شارك فيها ثلاثون شابا، من بينهم أعضاء في بعض المنظمات الشبابية، ليتعلموا من خلالها كيف يفهمون ويطبقون مشاريع الترويج للقيم التي توحد المواطنين الأوربيين. كان “محرك من أجل الديموقراطية الأوربية” مدعوماً من خلال مشاركات بعض المنظمات غير الحكومية، مثل: “جمعية برو ديموقراطية” و”فريق الشباب الأوربي من أجل التغيير”.


    كان المدير العام لهذه الجمعية واحدا من مدربي هؤلاء الشبان المحركين، الذي استطاع في نهاية اللقاء أن يعطي عدة استنتاجات، متوجهاً إلى تلاميذه السابقين، إنه غابرييل بيرزويو، لنستمع إليه: “عدد كبير منهم، أثناء الحديث المبدئي عن العوائق التي بإمكانها أن تعرقل تطبيق الأفكار المتفق عليها، قالوا إن المال هو السبب المعرقل الرئيسي. بعد ذلك قمنا باستثارة خلاقة للأفكار، حول طرق تجاوز العوائق وتحقيق بعض الشراكات المحلية مع مؤسسات رئيسية بإمكانها تقديم المساعدة. وضع معظمكم أفكارهم قيد التنفيذ، مستفيدين من جميع المصادر التي استطعنا الحصول عليها. كما يسعدني عنصر الإدراج والمشاركة في هذا المشروع. لقد كان لدينا محركون من المجتمعات الريفية والمدنية الصغيرة، لذلك تمكنا من الوصول إلى حيث لم يصل أحد، هناك حيث تصل المعلومة الأوربية بصعوبة قصوى، هناك حيث لكل منهم من المشاكل ما يجعلُ المعلومةَ الأوربيةَ آخر اهتماماته”.


    بعد عملية الاختيار الأولية، شارك الشبان المحركون في ورشة مكثفة اكتشفوا فيها الطرق العملية لتطبيق مشروع ما، من المشاريع التي كان عليهم فيما بعد تنفيذه في المجتمعات التي جاؤوا منها. مواضيع مشاريع هذا العام كانت: التاسع من مايو/ أيار، عيد أوربا، ومحاكاة البرلمان الأوربي. بعد مرحلة التطبيق، تمت دعوة الثلاثون شابا إلى مقر البرلمان الأوربي في بروكسل ليروا على الطبيعة كيف تسير النشاطات البرلمانية هناك. في نهاية المشروع تبادل الثلاثون شابا، الآراء مع الجمهور الواسع في مؤتمر صحفي. لنستمع إلى ماريا مادالينا إفريم، عضو في جمعيةٍ من أجل التنمية النشيطة في باكاو، وتلميذةٌ في ثانوية “فيرديناند الأول” في المدينة. لنستمع إليها: “لقد قررنا، نحن وكوادرُنا التعليمية، وبمساعدةٍ من قبل مدربينا، أن نقوم بمحاكاة للبرلمان الأوربي في أحد مدرجات ثانويتنا، فقامت الصفوف الثلاثة المشاركة بمحاكاة المؤسسات الثلاث للاتحاد الأوربي. تعلموا كثيراً بفضل هذه المحاكاة عن النظام القانوني، والطريقة التي يتم من خلالها اتخاذ القرارات والتوجيهات إلى أن يتم الوصول إلى وضع فكرة ما حيز التنفيذ”.


    تعلم ثلاثة محركين من أجل الديموقراطية من جمهورية مولدوفا كيف يشاركون في حياة مجتمعاتهم. كانت إلينا بروهنيتسكي من بينهم، وهي تعمل في المركز الوطني لمكافحة الفساد للشباب في كيشيناو، لنستمع إليها: “في إطار هذا الحدث، سعدت بعدة لحظات مهمة، أولها رؤية حماس زملائي منذ اللقاء الأول، الحماس الذي استمر طوال فترة النشاطات التي قمنا بها، الأمر الذي أعطاني سببا لأعمل وأقدم أكثر. بالرغم من أننا عرفنا منذ البداية مخاطر تنفيذ مشاريعنا، واكتشفت أنا بدوري مخاطر أكثر، لكننا تعلمنا أن بإمكاننا الاستفادة من مشاركة الوزارات في كيشينو أيضا. لقد نجحنا في تنظيم حدثين مهمين، في ثانويتي وفي ثانوية أخرى، الأول عبارة عن ورشة عمل شكلية، والثاني تم في الهواء الطلق ولاقى ترحيبا أكبر لدى المشاركين”.


    العمل في فريق وتجاوز التحفظ في التعاون مع السلطات هي الفوائد الأساسية التي حصل عليها الشبان الذين شاركوا في مشروع “شباب محرك من أجل الديموقراطية”، وهذا ليس كل شيء، لقد تعلموا كيف يتجاوزون بعض حدودهم الشخصية وهم الآن على استعداد لتقديم خبراتهم لآخرين ممن يرغبون في المشاركة في المشروع العام القادم. يونوتس يوليان روتارو، من مركز حقوق الإنسان والهجرة في بوخارست، يقدم لمحركي الديموقراطية المستقبليين ثلاث نصائح. لنستمع إليه: “لا تخافوا أن تخطئوا، لا تخافوا أن تفكروا في مشاريع كبيرة من الممكن تطبيقها على المستوى الأوربي، وحاولوا الخروج من مجال راحتكم، لحدوث أمور كثيرة مثيرة خارجه”.

  • خيارات نسائية معاصرة

    خيارات نسائية معاصرة

    لا يجب أن يأتي الحمل عندما يكون مرغوبا به نظرياً فقط، بل وعندما يكون الأبوان ناضجين بما فيه الكفاية من أجل تكريس نفسيهما لتربية ورعاية الطفل القادم. أما عمليا، فتختلف الأمور: في العام 2012، بينت إحصائية لمنظمة اليونيسيف، أن في رومانيا أكبرُ عدد من الأمهات القاصرات في أوربا. بالإضافة إلى هذا، أثبتت دراسةٌ قام بها المعهد الوطني للإحصاء في الفترة كانون الثاني / يناير 2012 – و آذار / مارس 2013، أنه من بين اثنتي عشر ألفا وثلاثٍ و سبعين امرأةً حاملا تراوحت أعمارهن بين الخامسة عشر والتاسعة عشر عاما، اختارت سبعةُ آلاف وخمسُ مئة وسبعٌ وأربعون امرأة منهن قطع حملهن.على كل حال، في الأعوام الأخيرة تابعت نسبة عمليات الإجهاض في رومانيا ارتفاعها، حسب ما صرح به الأطباء المختصون أيضا. الطبيبة مونيكا كيرستويو، أخصائية في التوليد تعمل في المستشفى الجامعي في بوخارست، لنستمع إليها: حسب دراسات اليونيسيف، تحتل رومانيا المركز الأول في أوربا من حيث عددُ الولادات عند القاصرات. في المتوسط، توجد ثمانية آلاف وخمس مئة ولادة من هذا النوع في السنة، وهدفنا أن لا يبقى الإجهاض أكثر الطرق إتباعاً من أجل منع الحمل، لأنه، نظريا، توجد إمكانيات عديدة أخرى لمنع الحملِ غير المرغوب به. بيانات منظمة الصحة العالمية أظهرت أن رومانيا تملك أعلى نسبة للإجهاض في أوربا تصل إلى أربع مئة و ثمانين إجهاضا مقابل ألف مولود حي.


    حسب الطبيبة كيرستويو و زملائها في المهنة: الإحصائيات المقلقةُ، مؤكَدَةٌ، بسبب تحفظ النساء الرومانيات و عدمِ رغبتِهِنَّ في الذهاب بشكل دوري إلى طبيب الأمراض النسائية، والسببُ الرئيسي لعدم الاهتمام هذا، هو غياب التربية الجنسية فيما يتعلق بأهمية الفحص الطبي النسائي المختص. يعتقد ممثلو المجتمع المدني أن التربية المتعلقة بالصحة التناسلية لا تغيب عن النساء هي فقط، وإنما تتعداها إلى غياب المعارف المتعلقة بالخيارات التي تستطيع المرأة العصرية إتباعها فيما يتعلق بجسدها. دانييلا دراغيتش تعمل كأخصائية في الدعوة من أجل تعليمٍ وإعلامٍ جنسي في إطار مؤسسة الدراسات النسائية آنا ، وها هي تقول: توجد مشكلة كبيرة فيما يتعلق بطريقةِ وإمكانيةِ تعريف الشابات بحقهن في اختيار ما يتعلق بصحتهن التناسلية بكامل الحرية. في العام 2003، كانت الحكومة الرومانية في وضعية جيدةٍ من هذه الناحية بفضل قيامها بإنجاز اتفاقٍ للتعاون ما بين وزارات الصحة والتربية والشباب، والحكومة الرومانية، نصَّ على القيام بتقديم دروس تتعلق بالجنس بدءاً من الصف الثاني الأساسي، من قبل أساتذة تم إعدادهم خصيصا من أجل هذا المجال. هذه المبادرة لم يتم تحقيقها، لأن الجمعيات الأمريكية التي وضعت إمكانياتها تحت تصرف الحكومة من أجل هذا الأمر، سحبت تمويلها، عند انضمام رومانيا إلى الاتحاد الأوربي.


    في إطار البرنامج، الذي تم إلغاؤه الآن، تم إصدار كتاب للتربية الجنسية, وافقت عليه جميع الوزارات المعنية بالاتفاق، وكان قد تم إعداده استنادا إلى برنامج وُضِع بالتعاون مع منظماتٍ غير حكومية مختصة. تم التفكير بكل شيء كي تأخذ هذه المادة التي تمت تسميتها رسميا التربية من أجل صحة العائلة، بالاعتبار حساسية الفئات الموجهة إليهم. دانييلا دراغيتش من جديد: لو أن الأمور استمرت على وتيرتها، رويدا رويدا، لَتَمَّ كل شيء بشكل تدريجي، كي لا يخاف، لا الآباء، ولا الأطفال. إلى جانب أنه كان يجب الاستفادة من خدمات أطباء التخطيط العائلي. الذين تم إعدادهم بتمويل خارجي.


    نذكر من بين هؤلاء الأطباء، الطبيبة، يوليانا بالتيش، نائبةُ مديرِ مجمعٍ طبي توجد فيه عيادةُ تخطيطٍ عائلي، وهي من بين العيادات القليلة المتبقية، تُمَوِّلُها بلدية القطاع الأول للعاصمة بوخارست. تحدثنا معها حول عواقب غياب المعلومات المتعلقة بالصحة التناسلية، لنستمع إليها: كان لدينا منذ عدة أعوام برنامج متكامل للتخطيط العائلي و كانت الأمور تسير بشكل جيد جدا، إلى درجة أن نسبة الإجهاض قد انخفضت. من سوء الحظ، نعاني حاليا من ارتفاع في عدد عمليات الإجهاض و عدد حالات الحمل غير المرغوب بها عند المراهقات. إن تكاليف برنامج وطني منظم بشكل جيد للتخطيط العائلي أقلُ بكثير من تكاليفِ علاجِ عواقبِ حملٍ غير مرغوب فيه أو عمليةِ إجهاض. حسب الطبيبة يوليانا بالتيش، في بدايات التخطيط العائلي في رومانيا، كانت في رومانيا مئتان وأربعون عيادةً مختصة بهذا الأمر، تراجع عددها مع الوقت، ليصل اليوم إلى أربعِ أو خمسِ عيادات في بوخارست، لا يزورها في كل الأحوال إلا قليل. تخبرنا الطبيبة عن السبب، لنستمع إليها: أولا: لعدم معرفتهن من أين يحصلن على المعلومات الصحيحة. ففي العادة، هن يحصلن على المعلومات الواحدة من الأخرى، لذلك فهن لا يصلن إلى العيادات المختصة أبداً، ثانيا: كان بإمكاننا من خلال البرنامج الوطني الذي تم إلغاؤه منذ عدة أعوام، توزيعَ مانعاتِ الحمل على التلاميذ في المدارس و على الطلاب في الجامعات وهم يشكلون المجموعة الأكثر عرضة لمثل هذه الأمور لضعف الإمكانيات المادية وعدم قدرتهم على شراء هذه المواد، للأسف، لقد نسيت الحكومة ذلك البرنامج، لذلك، لا نستطيع نحن اليوم مساعدة أحد من خلال توزيع مانعات الحمل. من المدهش أن ثلثي النساء اللواتي كن يزرن عيادات التخطيط العائلي، كن من الأرياف، للحصول مجانا على شيء ما يستفدن منه، و كن من المستفيدات الجادات من هذه الطريقة لمنع الحمل.


    وعليه، يوصي المختصون بعودة التعاون بين سلطات الدولة المختصة، والوزارات والمنظمات غير الحكومية من أجل تحديد برامج إعلامية فيما يتعلق بالصحة التناسلية.

  • درس التربية الدينية في المدارس الرومانية

    درس التربية الدينية في المدارس الرومانية


    هناك أولياءُ أُمُورٍ يُرِيدُونَ سحبَ أطفالِهِمْ مِنْ درس التربيةِ الدينية، مُبَرِرِينَ قرارَهُمْ بِانْتِمَائِهِمْ إلى دِينٍ آخرَ غيرَ دِينِ الأغلبية أو بِكَوْنِهِمْ لا أدْريِينَ، أو قائلين بأن بعضَ الدُروس في الكتابِ المَدرسي قد تُسِيءُ للطفل. ولكنْ، هل ذلك مسموحٌ به في القانون؟ وإنْ كان الأمرُ كذلك، إلى أَيِ مَدَى يُمْكِنُ تطبيقُه بِسُهولة؟ بادرتِ الجمعيةُ العِلمانيةُ الإنسانية، باختصار آسور، بِحَمْلَةٍ لِتَوْضِيحِ هذه الأمور. بِوَسْعِ أولياءِ الأمور، مِنَ الناحية القانونية، سَحْبُ أطفالِهِم مِنْ دَرْسِ التربية الدينية. ولكنْ، هل تُتِيحُ المدرسةُ لَهُمْ خَيارا بَديلا؟ هل يَستطيعون مُتابعةَ درسٍ آخَرَ أو هل يُمْكِنُهُمْ، على الأقل، قضاءُ تلك الساعةِ في صالةٍ أخرى، تحت مُراقَبة، إذا كانوا صِغارا؟ للعثور على جوابٍ لهذه الأسئلة، تَحَدَثَتِ الجمعيةُ العِلمانيةُ الإنسانية إلى أولياءِ الأمور والكوادر التعليمية على حِدَة. فيما يلي، تَقُولُ لنا مونيكا بيليتسوي ، المُديرةُ التنفيذيةُ للجمعية، ما تم اكتشافُه:


    ” العديدُ مِنْ أولياءِ الأُمور كانوا مُندهشين، لأنهم لم يَكُونُوا يَعْلَمُونَ ما كان منصوصا عليه في القانون، وأنه بِوَسْعِهِمْ سحبُ أطفالِهم مِنْ دَرْسِ التربية الدينية. هؤلاءِ الذين اختاروا، بِشَكْلٍ عام، سَحبَ أطفالِهِمْ مِنَ الدرس إما كانوا يَعْتَنِقُون دِينا آخر، إما كانوا غيرَ مُوافِقِينَ على المواضيع التي كانت تُدرَسُ في تلك الساعة. في بدايةِ كُلِ عامٍ دراسي، نظمنا حملاتٍ إعلاميةً حول نُصوص القانون في عِدَةِ مدارسَ وحتى مَعَ المُدِيرِين. البعضُ مِنْهُمْ مُوافِقون ولكنَ البعضَ الآخرَ يقولون إننا لَمْ نَفْهَمْ نحن جيدا القانون. أكثرَ مِنْ ذلك، هناك مُديرون لبعض المدارسِ يقولون إنهم لا يَستطيعون السماحَ للأطفال بِعَدَمِ مُتابَعَةِ دَرْسِ التربية الدينية عندما يجري هذا في مُنْتَصَفِ اليوم، إذ ليست لَدَيْهِمْ قاعاتٌ يُمْكِنُهُمْ إرسالُهُمْ إليها للبقاءِ فيها أثناء ذلك الدرس. حتى وإنْ تَمَ سَحْبُهُمْ مِنْ درس التربية الدينية، هُمْ مُضْطَرُونَ إلى البقاء في الصف. ثمةَ أولياءُ أمورٍ يتفاهمون مع المُعَلِمِينَ كَيْ يبقى أطفالُهُمْ في المكتبة اثناء تلك الساعة”.



    في نفس الوقت، تعترف الكوادرُ التعليميةُ وكذلك ممثلو مفتشيات بِحُرِيَةِ أولياءِ الأمور والأطفالِ في عَدَمِ مُتابَعَةِ دَرْسِ التربية الدينية، رغم أنها مادةٌ إجباريةٌ في قانون التعليم وليستْ اختيارية. ميهاييلا غيتسيو، مُعَلِمَةُ التربية الدينية في المدرسة الثاوية يون نيكولتشي ببوخارست:


    ” التربيةُ الدينيةُ تُعَدُ، إلى جانب مَوادَ أخرى، مِنَ المواد الإجبارية. إنَ ما اُعتُبِر بأنه اختياريٌ هو في الحقيقة فرصةٌ ممنوحةٌ للأطفال لعدم المُشارَكَةِ في درس التربية الدينية إذا كانوا مِنْ طائفةٍ أُخرى أو لهم دِينٌ آخر. إذن، يُمْكِنُهُمْ المشاركةُ في درس التربية الدينية الخاصِ بِهِمْ، في المكان الذي يُنَظَمُ فيه ذلك الدرس. هناك برنامجٌ مُحَدَدٌ للعبادة الأرثوذوكسية وبَرنامجٌ آخرُ لطائفةِ الروم الكاثوليك، إلى جانب غيرِها مِنَ البرامج. كافةُ هذه البرامجِ مُوافَقٌ عليها مِنْ وِزارةِ التربية. في حالِ عَدَمِ رغبة أولياءِ الأمور في مُتابعة أطفالِهم لدرسِ التربية الدينية، طبعا لَهُمُ الحقُ في سَحْبِهِمْ مِنْ ذلك الدرس بِناءً على الحُرية الدينية، لأنَ قانونَ التعليم مُتطابِقٌ مع دستور رومانيا. لذا، مِنَ الواضح أَنَ المُعَدَلَ العامَ للفَصلِ الدراسي يُحسَبُ بِمُعَدَلٍ ناقِص”.



    على سبيل المثال، التلاميذُ الروم الكاثوليك أوِ المُسْلِمون بوسعِهِم الانسحابُ مِنْ درس التربية الدينية إذا كانتْ هذه المادةُ تُدْرَسُ فِي مَدرستِهم طبقا للطائفة الأرثوذوكسية المَسيحية. يجوزُ للتلاميذ عَدمُ المشاركةِ، ولَكِنْ إذا ليس لَدَيْهِمْ مَكانٌ يُمكِنُهُم الذهابُ إليه، يَبْقَوْنَ في قاعة الصف. مُعَلِمَةُ التربية الدينية، ميهاييلا غيتسيو:


    ” عِندي تلميذٌ مُسْلِم. لا يَمْنَعُنَا أحدُ عندما نَدْرُسُ عناصرَ مُتعلقةً بِدينِهِ ألا يُقَدِمَها لنا. لَمْ ينسحبْ. وكلما رأى ذلك ضروريا، تَدَخَلَ في درسنا. لا أقوم أنا بِِحِسابِ مُعَدَلِهِ، وإنما يأتي هو بالعلاماتِ التي يحصُل عليها أثناء دَرس التربية الدينية كما يَدْرُسُهَا هو”.



    لتفادي مثلِ هذه الأوضاع، اقترحتْ جمعيةُ ASUR عدمَ وضعِ درس التربية الدينية بين الدروس الأخرى ونقلُه في بدايةِ الدروس أو فِي آخرِها. وبالتالي، يُمكِنُ للطفل أَنْ يغادرَ المدرسةَ في وقتٍ مُبكِر أو أَنْ يأتيَ إليها في وَقْتٍ مُتَأَخِر، للتخلص مِنْ مُشكلة المُراقَبة. هذه المبادرةُ تحظى بدعمِ مُمَثِلِي أولياء الأمور. ميهاييلا غونا، رئيسةُ اتحادِ جمعيات أولياء الأمور:


    ” أعتقد أنه خَيارٌ صحيح جدا لأنَ هناك الكثيرَ مِنَ الحالات عندما لا يَسْحَبُ أولياءُ الأمور أطفالَهم مِنْ درس التربية الدينية، مهما كانتْ دوافعُهُمْ، فقط لأنَ الطفلَ يبقَى مُدَةَ ساعةٍ غيرَ مُرَاقَب. وبالتالي، كانوا يَختارون أَنْ يُشاركَ في الدرس لِسَبَبٍ بسيط، لأنَ الطفلَ يستطيعُ البقاءَ في قاعةِ الصف. أعتقد أنه مِنَ الطبيعي أن تُتَاحَ، أثناء درس التربية الدينية، لِمَنْ لا يُريد المشاركةَ فيه، الفرصةُ للمشاركةُ في درسٍ اختياري آخَر”.



    بدلا مِنْ دَرس اختياري، اقترحت جمعيةُ آسور استبدالَ درسِ التربية الدينية بدرسٍ حَوْلَ تَاريخِ الأديان، كَيْ يتعرفَ التلاميذ على تنوع المُعتقداتِ الدينية. ميهاييلا غونا تدعُم هذه المُبارَدةَ، خاصةً وأنها تعتقد أن، بهذا الشكل، يُمكِن تجنبُ تدريسِ بعض الجوانب الصادمة بالنسبة للأطفال الصِغار:


    ” أجد أنه مِنَ المُثير أكثرَ أنْ نَتَعَلمَ تاريخَ الأديان أو أشياءَ أُخرى بدلا مِنْ طُقوس غسل المَيِت، مثلا، أو أَنْ تُجبِرَ الطفلَ للذهاب إلى الكنيسة. أريدُ أن يتعلمَ هؤالاءِ المزيدَ عما يَعْنِيهِ الدينُ عموما وأقلَ عَنِ العقائد. الكثيرُ جدا مِنَ الأطفال يَخافون أنا لربَ سيُعاقبُهم إذا لا يقولون أو لا يفعلون بعضَ الأشياء. الدِينُ يجب النظرُ إليه بِشَكْلٍ مُخْتَلِفٍ، في رَأْيِي”.




    مُرَكِزَةً على أَنَ عناصرَ مِنْ تاريخِ الأديان تُدْرَسُ أثناء دَرْسِ التاريخ العام وكذلك أثناء درسِ التربية الدينية، أضافتِ المعلمةُ ميهاييلا غيتسيو:


    “الدينُ يقترحُ قِيَمًا ويُطَوِرُ فضائلَ ويُوَجِه الأطفالَ نحو التَقَرُبِ مِنْ أمثالِهِمْ. ومن جِهَةٍ أخرى، يستحيلُ التحدثُ عَنِ الفضائل دُون التحدُثِ عَنِ الخطايا. تقول جمعيةُ آسور بأنه لا ينبغي التحدثُ عَنِ العقوبات والجَهَنَمِ أوِ الموت. في العوائل التقليدية، عندما يكون الأجدادُ على وشك الموت، كان الأطفالُ يُحْضَرُونَ أمامَهم لِطَلَبِ المَغْفِرَة. هذا شيءٌ يُعَدُ جُزءا مِنْ طبيعة الحياة. يُمكِن لأولياءِ الأمور أَنْ يتَكلموا مَعَ أطفالِهم عَنْ هذه القضايا التي سيوُاجِهُونها عاجلا أو آجِلا في عائلاتِهم نفسِها”.



    أكانتِ الأسبابُ مُؤيدةً أو مُعارِضَةً لتدريسِ التربية الدينية في نظام التعليمِ العِلماني والعام، إن النِقاش حول هذه القضيةِ يزداد حِدة أكثرَ فأكثر. والدليل على ذلك المبادرةُ البرلمانيةُ الحديثةُ في استبدالِ درس التربية الدينية بدرسٍ للأخلاق والثقافة الوطنية.





  • المؤسسات الاجتماعية في الأوساط الريفية

    المؤسسات الاجتماعية في الأوساط الريفية

    ومع ذلك، الاقتصاد الاجتماعي ينشط في الاتحاد الأوروبي وليس فقط. أكثرَ من ذلك، يُعَدُ دِعامةً مُهِمةً للاقتصاد الأوروبي، إذ يمثل نحو عشرةٍ في المائة مِنَ الناتج المحلي الإجمالي. ما يزيد على أحدَ عشر مليونَ عامِل، أي أربعةٌ فاصلة خمسةٍ في المائة مِنَ المواطنين النشيطين اقتصاديا، لهم مكانُ عَمَلِ في الاقتصاد الاجتماعي. كما هناك قرارٌ للبرلمان الأوروبي من شهر نوفمبر/تشرين الثاني عام 2009 يُشَجِعُ تطويرَ الشركات الاجتماعية باعتبارها نماذجَ للنمو الاقتصادي وشكلا مِنْ أشكال التعاون المشترَك. إليسابيتا فارغا ، الاستشاريةُ في إطار جمعية ناست التي تُقَدِمُ الاستشارةَ للشركات الاجتماعية، تُقَدِمُ لنا تعريفا مُفَصَلا للاقتصاد الاجتماعي:



    ” لقد تَطَوَرَ استجابةً للاحتياجاتِ الملموسة للمجتمعات، من خلال تحديدِ حلول جديدة للمشاكل الاجتماعية، هي احتياجاتٌ لا يُغَطِيهَا القطاعُ العامُ ولا ذلك الخاص. أهدافُ الاقتصادِ الاجتماعي تتمثل في إيجادِ أماكنِ عملٍ وتشجيعِ المواطنين للمشاركة في حَلِ بعض مَشاكلِ المُجتمعات. كما يُمْكِنُنَا تعريفُه بأنه عَكسُ اقتصادِ السوق، من خلال هَدَفِهِ الرئيسي — وهو الحصولُ على الأرباح. على العَكس مِنْ ذلك، يسعى الاقتصادُ الاجتماعي إلى تحسينِ ظُروفِ المَعيشة وتوفيرِ فُرَصٍ جديدةٍ للأشخاص المَحرومين”.




    الاقتصادُ الاجتماعي ليس شيئا جديدا بالنسبة للرومانيين. كان موجودا في فترةِ النظامِ الشيوعي أيضا على شَكْلِ ما سُمِيَتْ بالتَعَاوُنِيَاتِ الحِرَفِيَة. دوميترو فورنا، العُضْوُ في اللجنة الاقتصادية والاجتماعية الأوروبية يُعِيدُ إلى ذاكرتِنا :



    ” الاقتصادُ الاجتماعي ليس مَفهوما جديدا في صفوف الأوروبيين بشكل عام، ولا بالنسبة لنا الرومانيين بِشَكْلٍ خاص. إلا أنه ظَهَرَ في بلادنا في أشكالٍ أخرى. لقد بدأ بِمَفْهُوِم “التعاونية” ومن خلال التعاونيات. ولكنْ كانتِ التعاونيات لدينا قد مُنِِيَتْ بالفَشَلِ لأنَ الدولة الشيوعية استولت على هذا الشكلِ مِنَ الشَراكة الطَوْعِيَة. في الغرب، كانت هناك أشكالٌ حَلَتْ مَحَلَ هذه التعاونيات، مثل رابطاتِ العُمَالِ في أسبانيا وأنواعٍ مُختلفةٍ مِنَ الجمعيات التي صارتِ الآنَ نَشِطَةً جدا في أوروبا وحتى في رومانيا. الاقتصادُ الاجتماعي يَسعى إلى الاستفادةِ تماما مِنَ الموارد البشرية ويُرَكِزُ أولا على الإنسان وليس على الرِبح”.



    متأثرا وقتا طويلا مِنَ الفترة الشيوعية، كان نشاطُ الاقتصادِ الاجتماعي في رومانيا قد سار ببُطْء بعد عام 1990. ورغم ذلك، كانَ الاقتصادُ الاجتماعي، عامَ 2009، مُوظِفا مُهِمًا بِحِصَةِ ثلاثةٍ فاصلة ثلاثة في المائة مِنْ مجموع المُوَظَفِين في رومانيا. وفي عام 2011، أَصْبَحَ قِطاعا هاما للحياة الاقتصادية والاجتماعية حيث كانت تنشط خصوصا المنظماتُ غيرُ الحكومية. كانت تسعةٌ وستون في المائة مِنَ المنظمات النشطة في الاقتصاد الاجتماعي عام 2009 قد أسستها مُخْتَلَفُ الرابطاتِ والجمعيات، وبقيةُ الواحدِ والثلاثين في المائة كانت مِلكيةً تَعاوُنِيَة. فيما يلي، تَعْرِضُ علينا إليسابيتا فارغا أمثلةً مِنَ الشركات الاجتماعية في رومانيا، مُعظمُها تَنْشِطُ في المناطق الريفية:



    ” واحدةٌ مِنْ هذه الجمعيات هي جمعيةُ “فيلاج لايف”، أي “حياةُ القرية”، التي أسستها مجموعةٌ مِنَ الشباب الذين عَمِلُوا سابقا في مُختلف الشركاتِ الكُبرى والذين عادوا، في وقتٍ لاحق، إلى قِيَمِ القَرْيَةِ رغبةً في الترويجِ لها. جَمْعِيَتُهُمْ الاجتماعيةُ تَهْدِفُ السياحةَ الريفية. يرغبون في الترويجِ لهذا المجال، وفي هذا الصدد، يتعاونون مع عَدَدٍ مِنَ المُضيفِين في المناطق الريفية الذين يَستقبلون سُيَاحَا ويُقَدِمُونَ لَهُمْ الحياةَ فِي القُرَى مِنْ خلال أنشطتِهم العادِيّة. يُقَدِمُونَ لهم المنازلَ والأماكنَ الجميلة جدا، إضافةً إلى التقاليد التي تَكادُ تَخْتَفِي. ومَثَلٌ آخَرُ هو جمعيةٌ بمُحافظة سالاج ، أَسَسَتْ بِصُحْبَةِ السلطاتِ المَحليةِ شَرِكَةً اجتماعيةً تَسْعَى إلى تطويرِ عَلامةٍ تجارية للسياحة في وادي باركاو. كما تَدْعَمُ الجمعيةُ مُنْتِجِي العَسَلِ الصِغَارِ في المنطقة”.



    لِكَوْنِهِ قِطاعا بالغَ الأهميةِ بالنسبة للاتحاد الأوروبي، تَضَعُ المؤسسات الأوروبية تحت تَصَرُفِ الدول الأعضاءِ عدةَ فُرَصٍ تمويلية، كما أخبرنا دوميترو فورنا:



    ” في رومانيا أيضا، البرنامجُ التنفيذي القِطاعِيُ لتنميةِ الموارد البشرية نفسُه يتضمن هذا المَجالَ، أيْ تنميةَ الاقتصاد الاجتماعي. كانتْ هناك في فترةِ ما بين عامَيْ 2007 و 2013 مُحاولاتٌ لدعم الاقتصاد الاجتماعي وآمُلُ أَنْ يَستمرَ هذا الدعمُ الماليُ في الميزانية المُقْبِلَة. كانتْ هناك محاولةٌ لِمُساعدةِ الشركات الاجتماعية، ولكنَ الاستفادةَ مِنْ هذه الأموالِ تتطلب خِبرةً ومَعارِفَ مُعَيَنَة. لذا، مِنَ المُهِمِ أَنْ يَكُونَ لديك شُرَكاء، إذا أَرَدْتَ أَنْ تَنْجَحَ في الحصول على هذه الأموال الأوروبية “.



    رغم رغبةِ الناس في المُشارَكةِ في مُنشأةٍ اجتماعية، الوصولُ إلى الأموال ليس دائما سَهْلا. إليسابيتا فارغا:



    ” بالنسبةِ لرجال الأعمالِ الصِغارِ والمُنشآتِ الاجتماعية الصغيرة التي قُمنا بعرضها، الحصولُ على هذه الأموال صَعبٌ جدا. في الحقيقة، هذه الأموالُ بعيدةُ المَنال بالنسبة لهم. أولا، بسبب التمويل المُشتَرَكِ والمُساهَمَةِ الخاصة في هذا المشروع وهو مبلغٌ لا يَملكه الكثيرُ مِنْ رجال الأعمال. في الحقيقة، الكلُ يتوقف هنا عندما يَجْرِي الحديثُ عَنِ الحُصول على أموالٍ أوروبيةٍ مِنْ هذا النوع”.



    تسهيلُ الحصول على التمويل أُدرِجَ منذ عام 2011 إلى “المبادرةِ مِنْ أجل القيام بمشاريعَ اجتماعية”، هي خُطَةٌ شاملةٌ للاتحاد الأوروبي مُنَدَرِجَةٌ في استراتيجيةِ الاتحاد الأوروبي لعام 2020. ومع ذلك، الأموالُ الأوروبية لا تزال نادِرةً بالنسبة لِرِجالِ الأعمال الاجتماعِيِينَ في المناطق الريفية.

  • أفضل الطلاب الرومانيين الخمسين في الخارج


    يَختار عددٌ مُتَزَايِدُ مِنَ الرومانيين مُغادرةَ البلاد للدراسة في الخارج، مُنْجَذِبِينَ إلى فرص العمل المُختلفة وكذلك إلى الرواتب المُرْضِيَة. ليس لدى وزارةِ التعليم رقمٌ رسميٌ لِعَدَدِ الطُلاب الرومانيين الَذِينَ يذهبون إلى الخارج لِغَرض الدراسة، ولكن الإحصاءاتِ غيرَ الرسميةِ للمؤسساتِ التي تُنَظِمُ مَعارِضَ للجامعات تُشِير إلى وُجود ما يَزيد على خمسينَ ألفَ شابٍ غادر البلادَ للدراسة عَبْرَ الحدود. وأهمُ مَقاصدِ الشباب الرومانيين هي بريطانيا وفرنسا وألمانيا والدنمارك وهولندا. العَرْضُ التربوي لهذه الجامعاتِ، والموازنةُ بين الدراسة النَظَرِيَةِ والتطبيق العَمَلِي، وتَطويرُ مَهارات التواصل – تُعَد مِنَ الأسباب التي تدفع الرومانيين لاختيارِ هذا الطريق.



    تَأسست، قبلَ خمسةِ أعوامٍ، رابطةُ الطُلاب الرومانيين في الخارج. تَنْشِطُ هذه الرابطةُ مُمَثِلَةً عالَميةً لجميع الرومايين الذين يَدْرُسون في الخارج، وتوفر المعلوماتِ للراغبين في الدراسة عبر الحدود. وفي نفس الوقت، تُساعد هؤلاء الذين يُرِيدون العودةَ إلى البلاد، وَفقا لما أخبرتنا به نائبةُ الرئيسِ للعلاقات الخارجية في الرابطةِ المذكورة آنفا، وانا فرانتس:


    “حَقَقْنَا دِراستَيْن لِحَدِ الآن، واحدةٌ في عامِ 2010 والأُخرى في عامِ 2011 وسَنَضَعُ دِراسةً ثالثةً في هذا العام. نقوم بهذه الدراساتِ خُصوصا للتَحَقُقِ مِنْ رغبةِ الطُلاب والمُتَخَرِجين الرومانيين المتواجدين عبر الحدود في العَودةِ إلى البلاد ولِكَشْفِ السَبَبِ وراءَ ذلك. واستنتجتْ دراسةُ عامِ 2011 أن ثلاثين في المائة مِنْهُمْ راغبون في العودة إلى البلاد، وثلاثون في المائة لا يُريدون ذلك، أما بقيةُ الأربعين في المائة، فلم يُقَرِرُوا بَعْد. يُريدون العودةَ إلى البلاد مِنْ أجل عوائلِهِمْ وأصدقاءِهِمْ ولكنَ معظمَهُمْ يَبحثون عَنْ فُرصةٍ للحصول على وظيفةٍ تَسمح لهم بالتنمية المِهنية والشخصية، وتُتِيحُ لَهُمْ فُرَصا حَقيقيةً للتقدم مِهنيًا. يُريدون أنْ يكونوا راضين بالعمل الذي يَقُومُونَ به وأنْ يُطبِقوا دِراساتِِهم”.



    الكثيرُ مِنَ الطلاب الرومانيين يَبحثون عَنْ مَكانِ عملٍ في البلد الذي يَدرُسون فيه، والبعضُ يُفَضِلُ العودةَ إلى البيت. ولكنَ الأمرَ الذي يرغب فيه الأكثرَ ، أكثرَ مِنَ الأموال، هو الحريةُ في تطبيق ما تَعَلَمُوهُ وفرصةُ التقدم في مِهْنَتِهِمْ. وفي هذا الصدد، أطلقتْ رابطةُ الطلاب الرومانيين في الخارج، في العام الماضي، استراتيجيةً جديدةً بعنوان “الجاليةُ الذَكية”، مِنْ شأنِها تسهيلُ عودةِ الخِرِيجِينَ الرومانيين المتواجدين في الخارج إلى البلاد. لنستمعْ من جديد إلى وانا فرانتس:


    ” “الجالية الذكية” استراتيجيةٌ مُتعددةُ الأبعاد لِجَذْبِ الشَباب الرومانيين المتواجدين في الخارج. تقترح سياساتٍ عامةً وهدفُها الاستفادةُ مِنَ الإمكانات الاستراتيجية للشباب الرومانيين الذين يَدْرُسون في جامعاتٍ مَرموقةٍ عبر الحدود للمُساهمة في التنمية الاقتصادية لرومانيا. لَدَيْنَا الآنَ نتائجُ مِنْ خلال هذا المشروع تَتَمَثَلُ في مَشروعَيْن. لدينا مشروعُ: “عُدْ إلى الوطن”، نُسَهِلُ مِنْ خلاله الاتصالَ بين الطلاب والمُتَخَرِجِينَ الرومانيين المتواجدين في الخارج والشركات في رومانيا. المشروعُ الثاني يُدْعَى “الدورةُ التدريبيةُ الذَكِيَة”، هذا مَشروعٌ للتدريب في وزاراتٍ مُوجَهٌ إلى أفضلِ الطُلاب الرومانيين في كل أنحاء العالم. مثلا، في الصيفِ الماضي، قُمْنَا بسبعةَ عشرَ دورةً تدريبية في المؤسسات العامة برومانيا. كان مَشروعا تجريبيا والكلُ سار بِشَكْلٍ جَيِدٍ جدا، فسوف نُوَاصِلُه في هذا العام كذلك”.



    تَسابَقَ مِئَتَانِ من الطلاب الرومانيين تقريبا القادمِينَ مِنْ كُلِ أنحاء العالم، في بداية هذا العام، للحصول على لَقَبِ “أفضل طالب روماني للعام في الخارج” في المسابقة التي تُنَظِمُهَا رابطةُ الطلاب الرومانيين في الخارج والتي دَخلتْ دَوْرَتَها الخامسة. تم اختيارُ خَمسين مِنَ المُرَشَحِينَ النِهائيين في الفئاتِ الثَماني للمسابقة الطُلابية للسنة الجامعية 2012 و 2013.



    لدى سونيا كومان، البالغةِ الخامسةَ والعشرين مِنَ العمر، عِدةُ شَهاداتٍ في الفن في جامعاتٍ عَظيمةٍ في العالَم، وكذلك مئاتُ الرسوم والقصائدِ والمعارضِ الشخصية، كما لديها حُبٌ كبير لليَابان. اُختِيرَتْ أفضلَ طالبٍ رومانيٍ في الخارج لعامِ 2013:


    ” قُمْتُ بِدراسات في التعليم الأمريكي، حيث الْتَحَقْتُ بالدراساتِ الجامعية في جامعة هارفارد، ودراساتِ الدُكتوراه في جامعة كولومبيا، وكذلك في التعليم الروماني، حيث اكْتَسَبْتُ قاعدةً مَتينةً مِنَ المَعارِف التي بِدُونِهَا لَم أَسْتَطِعْ التَقَدُم. يُشْرِفُنِي أَنْ أكونَ هنا بِحُضورِ هذا العدد الكبير مِنَ الشباب الرومانيين المَوهوبين الذين مُنِحُوا جوائزَ أَوْ عُيِنُوا لاستلامِها. أريدُ أَنْ أُشِيرَ إلى الدَوْرِ الي لَعِبَتْه رابطةُ الطُلاب الرومانيين في الخارج في إنشاءِ وتطويرِ هذا البرنامج للتواصل “.



    لوكا فيكتور إلياشو يَدْرُسُ الفيزياءَ في جامعة بْرِينْسْتُونْ، يُركِزُ على عِلْمِ الكَوْنِ ويَعْمَلُ في مَجالِ البُحوث النَظَرِيَة. عُيِنَ طالبَ العامِ في أمريكا الشمالية، في مُستوى ما بَعْدَ الجامعي:


    ” أَعْتَقِدُ أنَ رابطةَ الطُلابِ الرومانيين في الخارج إحدى المُنظماتِ القليلةِ التي تجاوزت سُؤال: “بماذا تُساعِدُنَا رومانيا؟” ونجحت، رُبما للمرة الأولى، في الإجابةِ على سؤال: “بماذا نساعد نحن رومانيا”. تَسَاءَلْتُ أنا أيضا ما هُوَ دَوْرِي، فالتزمتُ بتحقيق هَدَفٍ مُعَيَن. سأساعد في تأسيسِ أولِ مَعْهَدٍ للدراسات العُليا في رومانيا، مُشابِهٍ لذلك الشهير في جامعة بْرِينْسْتُونْ نْيُو جِيرْزِي، يُمْكِنُ أَنْ تَتَعَاوَنَ في إطارِهِ جَمِيعُ العُلومِ النَظَرِيَة”.



    كريستينا غافريلا شابةٌ أُخرى لديها قِصَةُ حياةٍ مُثيرةٌ للاهتمام:


    “فَوْرَ تَخَرُجِي مِنَ الثانوية، أَرَدْتُ كثيرا جِدا الدراسَة في الخارج للاستفادةِ مِنَ البِيئَةِ الدُولية. كان يبدو لي أَنَ في الخارج تَحدياتٍ أكثرَ مما هي في رومانيا، فَاخْتَرْتُ دراسةَ التَسويق وإدارةِ الاتصالِ في جامعة أرهوس، في ثانِي أكبرِ مدينةٍ بالدنمارك، آسهوس. ولكنني عُدْتُ إلى رومانيا، بعد ثلاثةِ أعوامٍ مِنَ الدراسات الجامعية في الدنمارك وفَصْلٍ دراسي لتبادلِ الخِبْرَاتِ في سِنْغافُورَة. عُدْتُ لأنني شَعَرْتُ بالحاجة إلى تغيير، وأشعُرُ أنَ البيئةَ المنزلية مناسبةٌ لي أكثرَ مِنَ البيئة في الدنمارك ، مِنَ الناحية المهنية. أَعتقد أنَ هذا كانَ أفضلَ قرارٍ اِتَخَذْتُهُ لأن الحياةَ في بوخارست تُعْجِبُنِي كثيرا جِدا. أَعْمَلُ في مُنَظَمَةٍ دُولية وأَتَعَرَفُ على عددٍ مُتَزَايِدٍ مِنَ الرومانيين، في البيئة التي أعمل فيها وكذلك في المُنظمات التي أنشِط فيها والتي قَررتِ العودةَ إلى البلاد بعدما أَجْرَتْ نشاطَها في بُلدانٍ أُخرى”.



    تَبْقَى أعلى الرُسُومِ التي يَتَوَجَبُ على الطُلابِ دفعُها في جامعاتِ بريطانيا وهولندا، ولكنْ بِوَسْعِ الطُلابِ الاقتراضُ مِنْ حُكومتَيْ هَذَيْنِ البلدَيْنِ وتسديدُ الأموال بعد العُثور على وظيفة. نجد في المُقابِل الدنماركَ والسويدَ حيث يَكُونُ التعليمُ مَجانِيًا.

  • يوم الإذاعة العالمي


    يُحتَفَلُ باليوم العالمي للإذاعة سَنَوِيًا في الثالثَ عشر من شهر فبراير/شباط، بناءً على قرارٍ تم اتخاذُه في الدورة السادسةِ والثلاثين للمؤتمر العام لِمُنظمة الأمم المتحدة للتربية والعِلم والثقافة- اليونيسكو، الذي انعقد في شهر نوفمبر/تشرين الثاني عام 2011. وبالتالي، اُحتُفَل بِيَوْمِ الإذاعة العالمي لأول مرةٍ في الثالثَ عشرَ من شهر فبراير/شباط عام 2012، بالتزامُنِ مع الاحتفاء بِمُرور ستةٍ وستين عاما على تأسيسِ إذاعة الأمم المتحدة. ومنذ ذلك الحين، يُمَثِلُ هذا اليومُ لحظةً مُناسِبَةً لِتَذَكُرِ الدَوْرِ الهامِ الذي لَعِبَتْهُ الإذاعاتُ ولا تزال تَلْعَبُهُ في حَيَاةِ كُلٍ مِنَا. وإلى جانب الوصول إلى المعلوماتِ المُثيرة للاهتمام، وفرتِ الإذاعةُ كذلك الترفيهَ والدِفْءَ وفقا لِمُستَمِعِ صوت رومانيا العالمي مِنْ موسكو، فيكتور ياكوفلاف:



    “من الصعب أن تجدَ إنسانا لا تلعب الإذاعةُ في حَياتِهِ دورا هاما. كما يَصْعُبُ أن تَجِدَ مَكانا في العالَمِ لا توجدُ فيه إذاعة. عِشْتُ في قَريةٍ غيرِ مُتَصِلةٍ بالشبكةِ الكهربائية. ولكنْ، كنت أملك جِهازَ راديو بِبَطَارِيَات، استمعت من خلالِه ولأولِ مَرَةٍ في حياتي إلى الموسيقى، وكانتْ هذه إحدى الذِكرياتِ الجميلة الأُولى في حَياتي. وفيما بعد، انْتَقَلْتُ إلى المدينة ووَجَدْتُ في بيتي الجديد جِهازَ راديو على الجدار. في الفترة الأخيرة، أَستمع إلى الإذاعة عبر الانترنيت ولكنْ تبقى هذه برامجَ إذاعية. لكن، طالما لا يَتَمَكَنُ الجميعُ مِنِ استخدام الانترنيت، يُمكِنُنِي القولُ إن الإذاعةَ تلعب دورا أكبرَ بِكَثيرٍ مِنْ بَديلِها هذا في الحَضارة الحديثة. في رأيِي، الإذاعةُ لها دورٌ أهمُ مِنَ التلفزيون”.



    كانتِ الإذاعةُ مَوجودةً في اللحظات الحاسمة في حياةِ العديدِ مِنَ الناس وما زالت تُصاحِبُهُمٍ في رِحْلاتِهِمْ الحقيقيةِ والخَيالية، كما اعترف به مُستمعُ إذاعة صوت رومانيا العالمي مِنْ بريطانيا، ريتشارد كوك:



    ” نحن في عام 2014 ، أبلُغ السابعَ والستين مِنَ العمر وأنا أُدْرِكُ أنَ جُزئا كبيرا مِنْ حَياتِي كان مُرْتَبِطًا بالإذاعة، بِصِفَتِي مُصَوِرا وكاتبا وصَحافيا. سافرت في كُلِ أنحاء العالم، مِنْ أستراليا إلى المنطقة القُطْبِيَة الجنوبية، مِنْ فنلندا إلى جُزُر فُولْكْلاَنْدْ، مِنَ الصحراء إلى أمريكا الجنوبية. لَوْ لَمْ يَكُنْ البثُ على المَوجات القصيرة، لم أَكُنْ سَأَتَعَلَمُ على الفَوْرِ أَنَ الرجلَ مَشَى على سَطح القمر، عندما هبطتْ آبولو 11 على سَطْحِ القمر، وحَمَلَتِ المَرْكَبَةُ الرِجالَ الأوائلَ إلى القمر، الأمْرِيكِيَيْنِ نيل أمسترونج وباز ألدرين ، فِي الثاني مِنْ شهر يوليو/تموز عام 1969. لا يزال العالَمُ بحاجةٍ إلى الإذاعةِ في جَميعِ أشكالِها المُدْهِشة”.



    الإذاعةُ شَقَتْ طَريقَها في عَصْرِ التكنولوجيا الرَقمية أيضا. حتى وإنْ لَمْ يَعُدْ الناسُ يَستمعون إليها حصرا عَبْرَ الموجات، الإذاعةُ تُرافِقُهُمْ على الانترنيت والهاتفِ المحمول وغَيْرِها مِنَ الأجهزة الحديثة جدا. وما زالتْ مَوجاتُ الراديو تحظى بانتباه هُواةِ الإذاعة، كما هُوَ حالُ مُسْتَمِعِ صوتِ رومانيا العالمي مِنْ ألمانيا، غيرهارد سيغبيرت:



    ” منذ أربعةٍ وأربعين عاما أَهْوَى التقاطَ المَحطاتِ الإذاعية، إذن أنا دَيناصورٌ للموجات القصيرة. أُتابِعُ باستياءٍ فُقدانَ الموجاتِ القصيرةِ التناظريةِ مَكانَتَها، التي تَركَتْها العديدُ مِنَ المَحطات الإذاعية التي تَبُثُ إلى الخارج لِصالح الانترنيت. نحن، مُستمِعُو إذاعةِ صوت رومانيا العالمي، مَسْرُورُونَ لأن هذه الإذاعةَ تَبُثُ باستمرارٍ على الموجات القصيرة التي يُمْكِنُ التقاطُها فِي أيِ وقتٍ وفي أيِ مَكان”.



    يَستمع جون ماري مونبلو من فرنسا، هو الآخر، إلى إذاعةِ صوت رومانيا العالمي عبر المَوجات القصيرة:



    ” إن رُخْصة هُواة المَوجات القصيرة سَمَحَتْ لي بالاتصالِ مع ما يربو على مائتَيْ مِنطقةٍ في كُلِ أنحاء العالم. أكيدا، نَستمع باستمرار إلى الإذاعاتِ الدولية أيضا، إلى مَا يزيد على أربعِمائةِ مَحطةٍ على الموجات القصيرة باللغةِ الفرنسية والإنجليزية والأسبانية مِنْ أكثرَ مِنْ مائةٍ وخمسين بلدا. واليوم، عندما تَكادُ الموجاتُ القصيرة تَخْتَفِي، يَسْمَحُ لي الانترنيت بالبقاءَ على اتصالٍ مع أصدقاءِ الإذاعة، والأمرُ الذي يُثير اهتمامي الآن هو الجُودَة من أجل تعزيزِ مَعارِفي الدولية”.



    بالنسبة للمُستمِع الإيطالي، ستيفانو تشيتيريو ، لَنْ تَفْقِدَ الإذعةُ أبدا مَكانتَها:



    ” الإذاعةُ كانت وما زالت وسَتكون دائما بالنسبةِ لي وسيلةَ الاتصالِ الأُولى في العالَم، لَنْ يَستطيعَ أحدٌ استبدالَها، هي وسيلةٌ حتى في حالةِ الحرب أو عوائقَ مِنْ أَيِ نوعٍ، تَضْمَنُ احتياجا أساسيا للإنسان يتمثل في الاطِلاعِ على المعلومات، والاستماعِ إلى أصواتٍ ليست مُتساويةً أو مُوَحَدَة، والوقوف إلى جانبِ الآخرين في اللَحظات الجميلة أوْ تلك الحزينة في حَياتِهِ. إن الإذاعةَ حَيَةٌ وتعيش!”.



    أما المستمعُ فولوديمير ساتنيكوف من أوكرانيا، فالإذاعةُ تَعْنِي بالنسبة له:


    “… الفضولَ والمُتعةَ والثقافة َوكذلك وسيلةً للاتصال في ظُروفٍ قاسِية”.



    تم بثُ أولِ برنامجٍ إذاعي في رومانيا في الأول من شهر نوفمبر/تشرين الثاني عام 1928 وفي نفس الفترة أُجرِيَتْ أُولى التجاربِ الرومانية في البَثِ إلى الخارج. وكانتِ البرامج الأولى باللغات الأجنبية لِمؤسسة الإذاعة الرومانية العامة قد أُنتِجَتْ في مَطلَعِ الثلاثينات مِنَ القرن العشرين لإطلاعِ السِلْكِ الدبلوماسي في العاصمة الرومانية على مَاجَرَيَاتِ الأمور في البلاد. ومَعَ مُرور الزمن، تَنَوَعَ عَرضُ البرامجِ باللغات الأجنبية، خُصوصا في فترةِ الحرب العالمية الثانية وكذلك بعدها، بِحَيْثُ أصبحتْ إذاعةُ صوتِ رومانيا العالمي تَبُثُ حاليا بِعَشرِ لُغات أجنبيةٍ وباللغة الرومانيةِ والأَرومانية، على المَوجات القصيرة وعلى الانترنيت. يَستمع شان تسينهاي هو الآخر إلى برامجِ إذاعة صوت رومانيا عبر الموجات القصيرة، ولم يَنْسَ أَنْ يُهَنِئَنا لِمناسبة يومِ الإذاعة العالمي:



    ” إن الإذاعةَ تَجْلِبُ لي الكثيرَ مِنَ السَعادة. الإذاعةُ عائلتُنا، وعاملٌ مِنْ عَوامِل الانسجام، تُوَفِرُ لنا برامجَ تُبَثُ على المَوْجَاتِ المُتوسطة والقصيرة أوْ مَوْجَاتِ التضمين التَرَدُدِي. كما تَجلِبُ ابتسامةً على وَجْهِنا كلُ رِسالةٍ نَسْتَلِمُها وكذلك الأصواتُ المَألوفةُ التي نَسْمَعُها والتي تُثِيرُ حَقا مَشاعِِرَنا. لذا أُريد باسمِ عائلتي كُلِها أَنْ أتقدمَ إليكم مِنْ بعيد لِهذه المناسبة بأطيبِ التَمَنِيَاتِ وأَحَرِ الأمَاني”.



    روبيرن كارلوس ألفاريز غالوسو مِنْ مايامي بالولايات المتحدة، هاوٍ آخرُ مِنْ هُواةِ الإذاعة:



    ” أوَدُ أَنْ أهَنِأَكُمْ لمناسبة اليوم العالمي للإذاعة. في مُجتمعٍ يُهَيْمِنُ عليه الانترنيت، لا تزال الإذاعةُ تَلعب دورا هاما، لأن الإذاعةَ فقط تَجْعَلُ مِنَ المُمْكِنِ للجميعِ البقاءَ على اتصالٍ في حالِ وُقوعِ كارثةٍ طبيعية أَوْ في حُكْمٍ دِكتاتوري. أنا مُستمِعٌ مُستمرٌ لإذاعةِ صوت رومانيا العالمي منذ عام 1970، ويَسُرُنِي ويُشْرِفُنِي أَنْ أَسْتَقْبِلَكُمْ في بَيْتِي وفي أَيِ مَكانٍ كُنتُ فيه” .



    اختارتْ مُنَظَمَةُ اليونيسكو أَنْ تُروِجَ في هذا العام، بالتزامن مَعَ يوم الإذاعة العالمي، للمساواة بين الجنسَيْن، ولدور النساء في وسائل الإعلام، وكذلك للسياساتِ المُناهِضَة للتمييز.





  • الاختبارات الدولية وتربية الأطفال


    أُتيحَت للمجتمع الروماني، في نهاية العام الماضي، بواسطة اختباراتِ البرنامج الدولي لتقييم الطلاب، المعروفِ اختصارا “بيسا”، الفرصةُ للِمُقارنةِ بين مَدى استعداد الشَباب في رومانيا ومُستوى التلاميذ في أربعةٍ وستين بلدا آخرَ مِنْ كُلِ أنحاءِ العالم. يَجري البرنامجُ الدولي لتقييم الطلاب منذ عام 2000 ، مرةً كُلَ ثلاثِ سنواتٍ، لِقياس مَهاراتِ التلاميذ في الخامسةَ عشر مِنَ العمر في ثلاثةِ مجالاتٍ رئيسية، هي الرياضياتُ والقراءة والعلوم. شاركتْ في دورة عام 2012 لدراسة بيسا جميعُ الدولِ الأربعةِ والثلاثين الأعضاءِ في مُنظمةِ التعاون والتنمية الاقتصادية، وكذلك واحدةٌ وثلاثون دولةً شريكة، مما يُمَثِلُ ما يزيد على ثمانين في المائة مِنَ الاقتصاد العالمي. وفيما يخص الرومانيين، لم تَكُنْ النتائجُ مُفْرِحَةً بالنسبةِ للسلطات ولا بالنسبة للمُواطنين العاديين. لأنَ أربيعن في المائة مِنَ التلاميذ كانت نتائجُهم ضَعيفةً، وكان ثلاثةٌ فاصلة اثنين في المائة مِنْهُمْ فقط قد أحرزوا علاماتٍ ممتازة، فاحتلت رومانيا المركزَ الخامسَ والأربعين مِنْ مجموع خمسة وستين دولةً مُشارِكَةً في الاختبار. وعندما سُئِل عَمَا يَعْتقده عَنْ هذه النتائج، أجاب وزيرُ التعليم، ريموس بريكوبيه:



    “إذا أَرَدْتُمْ جَوابا بسيطا، إذن أقول لكم إن النتائجَ ضعيفة. وإذا أردتم جوابا مفصلا، إذن نلاحظ أننا ما زِلنا تحت مُعَدَلِ الاتحاد الأوروبي وأنَ عددا كبيرا مِنَ الأطفال غيرُ قادرين على تلبيةِ مُتَطَلِباتٍ ذات مستوى متوسط في الرياضياتِ والعلوم والقراءة. وفي نفس الوقت، إذا كُنَا مَوْضُوعِيِينَ، لاعْتَرَفْنَا بوجود تَقَدُمٍ صغير. فَمُقارنةً مع اختبارِ بيسا الأخير من عام 2009، ارتفعت رومانيا بأربعِ نِقاطٍ في الترتيب العام. وهذا خَبرٌ مُفْرِح”.



    لتفسير النتائج الضعيفة التي أحرزها التلاميذُ الرومانيون، استند وزيرُ التعليم إلى طريقةِ تقييمِ التلاميذِ في نظام التعليم الروماني وكذلك إلى المعارفِ المُقَدَمَةِ لَهُمْ أثناء الدرس. ريموس بريكوبيه:



    ” هناك تفسيران مُحتَمَلان. أولا، المُعلمون لا يقومون بما يجب القيامُ به أثناء الدرس. والتفسيرُ الثاني مُتعلقٌ بمَنهَجِيَةِ الامتحانات. مِنَ السهل جدا أن تُلْقِيَ الذنبَ على المَنْهَجِيَة، عندما، في الواقع، لا نَفْعَلُ ما يجب خلال الدَرس. لا نتحقق مِنْ مدى اكتساب المعارف، وإذا فعلنا ذلك، لَفَعَلْنَاهُ بِشَكْلٍ سَطْحِي. هناك مَدارسُ يَنال فيها تلميذٌ علامةَ “تسعة” حتى وإنْ كان في الحقيقة يَستحق علامةَ “ستة”. وبذلك، نقول لأولياءِ الأمور والتلاميذ مِنَ خلال العلامات التي نَكْتُبُهَا في سِجِلِ العلاماتِ المَدرسية إنهم يُحَرِزُون نتائجَ جيدةً، ثم نلاحظ في الامتحانِ أن هذا ليس صحيحا. لذا، اعتبارا مِنْ هذا العام، سنُطَبِقُ بعضَ النصوص الواردةِ في قانونِ التعليم ستُدخَل بناء عليها امتحاناتٌ في الصفِ الثانِي والرابع والسادس، من أجل تقييم الوضع وكَيْ نعرفَ مِنْ قَبْلُ إذا كانَ مَدَى تَقَدُمِ التلاميذ في صَفٍ ما جَيِدا أم لا. وهكذا، بإمكانِنا التدخلُ في الوقتِ المناسِبِ لتصحيح الوضع”.



    بسبب النتائج الضعيفة التي أحرزها التلاميذُ الرومانيون، يُراد، في المُستقبل، أن تكونَ الامتحاناتُ التي يَجتازها التلاميذ في رومانيا مُشابِهَةً لامتحاناتِ بيسا، أي أَنْ تكونَ عَابِرةً للتَخَصُصَاتٍ، وهي امتحاناتٌ لا يزال التلاميذُ الرومانيون غَيْرَ مُتَعَوِدِينَ عليها. كما سيتم تغييرُ المناهجِ الدراسية، الأمرُ الذي بدأ بالفعل. فيما يلي، يُحَدِثنا تشيبريان تشوكو ، الخبيرُ في التربية بالمركز الروماني للسياساتِ الأوروبية عَنِ المَنْهَجِ الدراسي الحالي الذي يُعْتَبَرُ، هو الآخرُ، مَسؤولا عَنْ نتائجِ التلاميذ الضعيفة:



    ” إن مَناهجَنا الدراسيةَ لم يتمَ تَحْدِيثُها. لا تزال مُتَخَلِفَةً والعلمُ يتقدم في جميع المجالات، رغم المبالغِ التي أُنفِقَتْ مِنَ الأموال الأوروبية لتغييرها. إنَ المناهج الدراسية تُستَبْدَلُ مَرةً كلَ ثمانيةِ أعوام. آخرُ تغييرٍ للمَنهج الدراسي لم يتطرق إلى مَضْمُونِهِ بِقَدْرِ ما تَطَرَقَ إلى أهدافه وتم إدخالُه في أواخرِ التسعينات مِنَ القرن الماضي، بدايةِ أعوام 2000. كان التغييرُ جُزئيا، وكان آنذاك يجري الحديثُ عَنْ عملِ تغييرٍ آخرَ جِذريٍ فيما بعد. ولكنَ ذلك لَمْ يحدث”.



    أظهرتْ امتحاناتٌ البرنامج الدولي لتقييم الطلاب، بيسا، جانبا آخرَ مُهِمًا يتمثل في الدافعِ إلى الإنجاز. ويبدو أن مُستوى دافعِ الإنجاز لدى التلاميذ الرومانيين هو الأصغرُ في صُفوفِ جميع الدول المُشارِكة في التقييم. والسؤال الذي يَطْرَحُ نَفْسَهُ في هذه الحالة هو: هل يَجِبُ البحثُ عَنِ التفسيرات فيما يخص قلةَ دافعية التلاميذ خارجَ النظامِ التعليمي؟ هذا ما يَعتقده الوزيرُ ريموس بريكوبيه:



    ” إن الدافعَ لا يأتي فقط مِنَ الدروس المقدمة في المدرسة وإنما مِنْ جميع أنشطتنا اليومية. هناك العديدُ مِنَ الأطفال الذين يتركون التَعليمَ لأنهم لا يَرَوْنَ فائدةَ المدرسة. وفيما يخص المُعلمين، صحيحٌ أن هناك علاقةً بين النتائجِ المُحْرَزَةِ في التعليم –لن أقول بمستوى رواتبهم- وإنما بِمَدَى الاحترامِ المُوجَه إلى الكوادر التعليمية، الذي يضم كذلك مُستوى الرواتب. ليس مِنَ الكافي أن تتقاضى راتبا عاليا لِتَحْفِيزِكَ، يجب أن يَكونَ هناك جوٌ مَعْنِيٌ في المدرسة”.



    بالنسبة لتشيبريان تشوكو ، إن قلةَ دافعية التلاميذ تَعْكِسُ قلةَ دافعية المعلمين التي لا يُمكن تفسيرُها دون تحليلِ النظام بأسره:



    ” إن التعليمَ مرتبط تماما بالدافعية، التي تأتي في شأنِ الأطفال مِنَ الخارج. ينبغي على الكادرِ التعليمي تَحفيزُ اهتمامِهِمْ . ومن جهة أخرى، إن المُعلمين هُمُ الآخرون فقدوا دافعَهم. وضعُ المُعَلِمِ ليس ما كان عليه في السابق. أنْ تكونَ مُعَلِمًا لم يَعُدْ شيئا مُهِمًا. إن العاملين في التعليم ليسوا أفضلَ مِمَا عندنا. لأنَ المُتَخَرِجين المُمتازين لا يتوجهون إلى مجالِ التعليم وإنما يغادرون البلاد أوْ يعملون في مجالاتٍ أخرى في النظام العام أوِ الخاص. إن قاعدة التوظيف في النظام التربوي ضيقة جدا. لم يَعُدْ يَصِلُ إلى نظامِ التعليم الأفضلُ عندنا. هذه ليستْ ظاهرةً مُمَيِزَةً لرومانيا فقط وإنما لدول أوروبية أخرى”.



    تقتضي الحاجةُ إلى تغييراتٍ جذريةٍ مِنْ وجهة نظر السلطات الحكومية والمُجتمع المدني على حِدة. يجب عليها أن تُغَيِرَ أُسُسَ النظامِ كَيْ يَستَعيدَ نشاطُ التعليم والتَعَلُمِ شُهْرَتَهُ وغَرَضَه وفَائِدَتَهُ القَديمة.



  • الأطفال و التسول

    الأطفال و التسول

    الأطفال المتسولون هم للأسف كثيرون جداً في رومانيا. لماذا يصل هؤلاء الأطفال إلى التسول سواءً أكان البرد قارساً أو الحر قائظاً، مرتدين خرقاً أو ملابس مرقعة و مهترئة، في سن يجب أن يكونوا فيها في ملاذ عن كل ذلك، في منزل أسرة مُحبة؟


    على هذا السؤال، حاول الأجابة ممثلو كل من: جمعية “هاتف الطفل” و الوكالة الوطنية لمكافحة الإتجار بالأشخاص، و معهد التحري و الوقاية من الجريمة. مشروعهم الذي يحمل بعنوان: “أين يبدأ التسول تنتهي الطفولة”، و الممول من السفارة الفرنسية، كانت أهدافه الحقيقية، التعرف على دوافع تسول الأحداث، لتحديد طرق الوقاية من تفشي هذه الظاهرة. الدراسة المتعلقة بأسباب التسول، تشمل آراء السلطات المحلية حول هذه الظاهرة، و ليست دراسة إحصائية. إلا أنها مع كل هذا، توضح الكثير عن الطريقة التي ينظر بها أو تدرك بها هذه الظاهرة، في رأي مفوض الشرطة، العقيد/كونستانتين سترويسكو:


    “فيما يخص أسباب التسول بين صفوف الأطفال، وفقا للسلطات المحلية، فإن الدافع الرئيسي، كان الفقر. و اعتبر عاملاً محركاً بنسبة 85.4 ٪. أما الأسباب الأخرى فهي التأثير السلبي للأسرة أو غياب إشراف أو حقيقة أن يجبر الوالدان الطفلَ على التسول، و ما عدا ذلك، من عدم إشراك المدارس و السلطات المحلية. و إذا كنا نقصد المستفيدين من الأرباح التي يجنيها القصر من التسول، فتعتبر السلطات المحلية أن الأسرة هي التي تستفيد في المقام الأول، متبوعة بأشخاص آخرين من الذين يجبرون الطفل على التسول. و في نهاية المطاف، يعتبر أن المنتفعين هم الأطفال. و عند السؤال، من أين يأتي الأطفال-المتسولون، كثير من المستطلعة آراؤهم، إلى حقيقة أن 75 ٪ منهم ينتمون إلى أسر تعاني من مشاكل مادية، ثم من الأسر التي تعاني من استهلاك الكحول، و الأسر المتأثرة بالعنف المنزلي أو من التي لا تعتني بالأطفال”.


    أما عدد الأطفال الذين يتسولون، فمن الصعب حسابه. و لكن كما يقول فيليب غوستين، سفير فرنسا في بوخارست، في إشارة إلى مائتي قاصر روماني من الذين يتسولون في باريس:


    “ليست الأرقام هي المثيرة للإهتمام، ولكن الظاهرة نفسها. فطفل واحد فقط يتسول، يعني الكثير مسبقاً. لذلك، فإن مائين يعد رقماً ضخماً”.


    أسست من أجل أن تضع تحت تصرف الأطفال وسيلة لإسماع صوتهم، جمعية “خط هاتف الطفل” عبر الإتصال برقم 111 116، لديها القدرة على الإستماع إليهم . بما في ذلك فكرة مشروع “أين أبدأ التسول ، تنتهي الطفولة”، أعطيت لهم من قبل الأطفال الذين إتصلوا على رقم هاتفس في 111 116. كاتالينا فلوريا، المديرة التنفيذية لجمعية “هاتف الطفل”:


    “فيما يخص عدد الحالات من هذا النوع، التي أبلغ عنها عبر هاتف الطفل، فهي كثيرة جداً. لذلك، إخترنا المضي قدماً في هذه الخطوة، لأنه أمر محبط بالنسبة لنا، المتواجدين على الطرف الآخر للهاتف، أن نسجل مثل هذه الحالات، و أن نجد أن القوانين لا تسمح بعمل أكثر مما يُفعل، لأن الفرق المتنقلة تأخذ هؤلاء الأطفال في الشارع”.


    بعد العثور و التعرف عليهم من قبل مديريات حماية الطفل، يؤخذ الأحداث – المتسولين إلى مراكز استقبال طارئة. إلا أنهم لا يمكثون هناك لفترة طويلة من الوقت. كانالينا فلوريا، تحدثنا مجدداً:


    “إنهم يصلون في اليوم التالي إلى الشارع، وفقاً للقانون. مديريات المساعدة الإجتماعية، تقول إن ليس لديها الحق في حرمان قاصر من الحرية. فهو حر إذا أراد مغادرة مركز الاستقبال الطارئ. و عندما يعثر عليه أكثر من مرة، في الشارع، فعنذئن توجد مشكلة بالفعل. المشكلة ليست لدى الطفل، فهو لن يصل بمحض خياره إلى الشارع. لذلك، نتحدث عن معاقبة الآباء والأمهات أيضاً. و من وجهة النظر هذه، توجد ثغرات قانونية”.


    ما الذي يمكن فعله في مثل هذه الظروف؟ حتى لا تتفشى هذه الظاهرة على نطاق واسع؟ أحد الحلول هو تدريس الأطفال في المدرسة، أسباب هذه الظاهرة. و بالمثل يجب تعليمهم كيفية الدفاع عن حقوقهم. و أن يقولوا “لا ” عندما يجبرون من قبل آخرين على التسول. كاتالينا فلوريا، المديرة التنفيذية لجمعية “هاتف الطفل”:


    “نتحدث عن أنشطة تعليمية من شأنها أن تزداد و تكثف في شهر سبتمبر من هذا العام بين صفوف الأطفال. و لثمة حاجة تتطلب أن يقوم بهذه الأنشطة التعليمية كوادر تربوية، خلال حصص الإشراف، على الأقل، يمكن تنفيذ مثل هذه الأنشطة. و من المهم أن توجد العقوبات واضحة جداً على الآباء الذين يجبرون أطفالهم على التسول. أنا لا أعني مجرد غرامات فقط. بل أعني أكثر من ذلك. أن تجعل طفلاً يتسول، يجب أن تكون جنحة يعاقب عليها القانون بالسجن، في رأيي. و طالما أن هذه الأسرة تعيش من ذلك، أما الموارد المالية للأسرة، يتم الحصول عليها باستخدام الأطفال بهذه الطريقة، فإن هؤلاء الآباء يستحقون السجن”


    و وفقا لوزارة الداخلية، فإن القانون الجنائي الجديد، الذي سيدخل حيز التنفيذ في شهر فبراير/شباط 2014، ينص على عقوبات قاسية على الوالد أو الوصي الذي لديه طفل متسول. و تأمل السلطات بهذا الشكل تقليص ظاهرة تسول الأحداث.


  • العلاج من خلال اللعب

    العلاج من خلال اللعب

    الطفل الصغير يستخدم كل حواسه أثناء اللعب. الدافع الذي يجعل اللعب يمثل المرحلة الأولى من التعلم و النشاط الإبداعي. فأثناء لعبه، يكتسب الصغير قدرات و مهارات و خبرات جديدة، و ينمي في نفسه روح الملاحظة و الذاكرة و الإنتباه و الخيال و التفكير و الروح الفنية. و مع نمو الطفل، ينمو معه لعبه، و يصبح أكثر تعقيداً و تخيلاً على نحو متزايد، حيث أنه يمارس مواهبه وقدراته من خلال هذا الوسط.



    إن مشروع “لنعيد اكتشاف المدرسة”، الذي دخل عامه الثالث، مصمم للأطفال ذوي الإعاقة، و يهدف إلى الوقاية من خطر هجر المدرسة. أما نهج التناول، فهو اللعب، و لكن المشروع يأتي بشيء جديد. دانييلا فيشويانو، مديرة المشروع تقدم لنا مزيداً من التفاصيل:

    “جديد المشروع، هي العمل مع الثنائي “الطفل- الوالد”. و في جميع أنشطتنا نعمل مع الطفل و والده. و توجد عدة مراحل للمشروع: أولاً نعمل مع البالغين الذين يشاركون في العمل مع الأطفال، و مع أولياء أمورهم، الذين ندربهم و نؤهلهم كوسطاء تربويين، حتى يكونوا مورداً في المدارس أو في الخدمات التي يشكلون جزءاً منها، فبعضهم موظفون في الخدمات الإجتماعية، و بعد أن ينهي هؤلاء الوسطاء، الجزء الأول من دروس الدورة، الخاصة بالتوثيق و الإعتماد و الترخيص، سيكونون مجبرين، كجزء من إتفاقنا، بالتفاعل، خلال أسبوع الممارسة و التطبيق العملي، مع مجموعة من الأطفال”.



    ورش العمل مع الأطفال، سبق و أن نُظمت، بل حتى بعض الأنشطة مع والديهم، و لكن في رومانيا، لم يسبق العمل معهم، في نفس الوقت في نفس ورشة العمل. أما ميزة هذا النهج، فتشرحها لنا، أيضاً، دانييلا فيشويانو:

    “بالعمل بشكل ما، بحيث يجب على الآباء أن يضعوا أنفسهم تحت مصالح الطفل، أي أن يتركوا الطفل يدير بنفسه اللعب، أن يقول الطفل لوالده: لون هذا، أو ساعدني بذاك. إنه في الواقع، عكس للسلطة أو قلب للقوة. فالطفل لديه شعور دائم بأنه يفعل ما يريده و ما يحبه، و خاصة هؤلاء الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، و على وجه أخص، هؤلاء الآباء و الأمهات الذين يتعرضون لضغوط كبيرة جداً. فاللعب بالنسبة لهم، يمثل بما في ذلك، أسلوباً علاجياً. و يكسب ما نفعله أهمية، في هذا المشروع، هو تقديم المشورة النفسية للوالدين، و أن نجمع هؤلاء الآباء والأمهات، الذين لديهم أطفال ذوي إعاقات مختلفة و إحتياجات خاصة سوياً. حتى أن الأطفال الذين يعرفون بعضهم البعض، و يعانون من إعاقات مختلفة، يرون أشياءً قد تعوضهم عن العجز، و بأن لديهم أيضاً، قدرة أو مهارة تساعدهم على القيام بعمل ما أفضل من أطفال غيرهم بإعاقة مختلفة. فكل منهم يرى ما يحظى به من أشياء جيدة أو ما هو متاح له لتدبير أموره بنفسه”.



    في أواخر شهر يونيو/حزيران الماضي، إنتفع الأشخاص الذين شاركوا في المشروع بخبرة المعالجة البريطانية/يونيس ستراغ، الإخصائية النفسية التي تحظى بأكثر من 26 عاماً من الخبرة في مجال الصحة النفسية، و المختصة في العلاج باللعب، و باللعب بالرمل. في المرحلة الأولى، عملت يونيس مع ثمانية أطفال من ذوي الإعاقة و مع أولياء أمور هؤلاء. أما في المرحلة الثانية، فقد أوضحت المختصة البريطانية، فوائد العلاج باللعب للمشاركين في برنامج “لنعيد اكتشاف المدرسة” – من أخصائيين نفسيين و وسطاء، و غيرهم.

    والهدف الرئيسي لهذا النوع من العلاج هو إيجاد حلول للمشاكل العاطفية أو السلوكية، و يُفهم من هذا بالتالي، تحسين التواصل و التفاهم بين الوالدين و الطفل. و من ثم، يتم إستهداف تحسين التعبير اللفظي، و قدرات المراقبة الذاتية، و التحكم بالدوافع و المحفزات، و تطوير طرق السيطرة على القلق و الإحباط، و تحسين القدرة على الوثوق بالآخرين و التواصل بهم. و لتحقيق هذه الأهداف، تعتمد المعالجة على التطور المعرفي الذي يميز مراحل مختلفة من التطور العاطفي لدى الأطفال، بالإضافة إلى الصراعات الخاصة المميزة لكل فئة عمرية.



    شيئ جديد في مشروع من هذا القبيل، هي فكرة تطوير نوع ما من استقلال الطفل الذي يتطلب رعاية خاصة، بحكم الإعاقة التي يعاني منها، أمام والديه. تعود دانييلا فيشويانو لتحدثنا مجدداً:

    “إقترحنا على أنفسنا، أن ترك مساحة للطفل و الأبوين، فليس بإمكانهما بناء حياة مع طفل بحاجة إلى رعاية خاصة. و عندما يستيقظ أحد الوالدين أمام مثل هذا التحدي، بأن ينجب طفلاً يعاني من إعاقة، و يتطلب إحتياجات خاصة، فإنهم يعيدون تنظيم حياتهما حول هذا الطفل، و يكرسون من 10-20 عاماً من حياتهما حصرياً لتلبية إحتياجات الطفل. أما الخوف الأكبر، فهو أن لا يضيف الوالدعجزاً نفسياً إلى جانب إعاقة الطفل، و أن لا يزيده ضغطاً بتذكيره بالتضحيات المبذولة”.


    و إذا كان قد شارك في هذا المشروع حتى الآن حوالي 800 أسرة، أي حوالي 1600 شخص، من منطقة جنوب رومانيا، فإن النية هي مضاعفة هذا النوع من المشاريع و توسيعها على المستوى الوطني.

  • هجر المدرسة

    هجر المدرسة

    هذا لا يمكن أن يتحقق سوى بالتعاون بين السلطات المختصة في مجالات عدة: التعليم، و الحماية الاجتماعية و التنمية المحلية. و إلى كافة تلك المجالات، يتطرق البحث الذي يحمل شعار “جميع الأطفال في المدارس بحلول عام 2015 – مبادرة عالمية بشأن الأطفال خارج نظام التعليم: دراسة وطنية”، و الذي يحظى بإشراف و رعاية منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، و يمثل دراسة تقوم على منهجية مشتركة لست و عشرين دولة مشاركة، من ضمنها رومانيا.



    في إعداد التقرير الخاص بلدنا، شاركت وزارة التربية، و وزارة العمل، و و المعهد الوطني للإحصاء و معهد العلوم التربوية. الهدف من هذه الدراسة كان تحليل السياق الذي يشجع على هجر الدراسة، لرفع مستوى الوعي حول هذه الظاهرة و اقتراح حلول لها. و لكن لإيجاد الحلول، يجب علينا أن نعرف حجم هذه الظاهرة التي لا ترتبط أسباب بنظام التعليم فحسب. ساندي بلانشيه، ممثلة صندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) في رومانيا تحدثنا عن بعض هذه الأسباب:

    “الأطفال الذين هم على وشك هجر الدراسة، هم شديدو الفقر، و القادمون من المناطق الريفية، و الذين ينتمون الى العرقية الغجرية، و ذوو الإحتياجات الخاصة و المعاقين. و ينبغي أن يركز نظام التعليم، على الوقاية من هذه الظاهرة بدلاً من إتخاذ تدابير للتدخل. يجب علينا أن نضمن أن هؤلاء الأطفال مسجلون و ملتحقون بالمدارس، و مستمرون في الدراسة. و هذه الحقيقة، قد تمثل ميزة مالية لأنها أرخص”.



    الآثار السلبية بعيدة المدى لهجر المدرسة، تؤثر على المجمتع بأسره وعلى إقتصاد البلاد. و وفقا لبعض البيانات المقدمة من المعهد الوطني للإحصاء، فإن 52٪ من الشباب الذين تركوا المدرسة في وقت مبكر، وصلوا بسرعة أكبر إلى حالة البطالة. دليل آخر على أن هجر الدراسة يعد مشكلة اجتماعية، يتمثل بوجود إختلافات بين مناطق البلاد. في بعضها تكون هذه الظواهر مقلصة بشكل أكثر من غيرها اعتماداً على الوضع الإقتصادي و التشكيلة العرقية للمنطقة. ففي البلدات التي تتجاوز نسبة الغجر 5٪ من مجموع سكان المنطقة، كان معدل هجر الدراسة مرتفع. بيانات إحصائية أخرى توفرها لنا، مجدداً، ساندي بلانشيه:

    “معدل هجر المدرسة في وقت مبكر بلغ نسبة 17.5٪. و هي في ازدياد. و وفقاً لأجندة أوروبا 2020، فإن من أهداف رومانيا الوصول إلى 15٪ بحلول عام 2014 و إلى 11٪ بحلول عام 2020. لأن هجر المدرسة متأثر بعوامل اجتماعية مثل الفقر، و الصحة و التغذية و البيئة الأسرية، و هناك حاجة إلى حلول شاملة على مستوى عدة قطاعات. على المستوى المحلي، فإن المدارس، والأخصائيين الإجتماعيين، و البلديات، يجب أن تعمل معا لمنع التخلي عن الدراسة. كما أن نوعية العملية التعليمية تمثل مشكلة بدورها. فحوالي 40٪ من الذين يبلغون الخامسة عشرة يعانون من مستوى منخفض من التعليم و يواجهون صعوبات في القراءة و الكتابة. في بولندا، هذه النسبة تبلغ 15٪، وفي هنغاريا 18٪. الحلول من هذه الناحية، يمثلها معلمون مؤهلون وم متحمسون، و مناهج دراسية تركز على المهارات، و ليس على حفظ المعلومات عن ظهر قلب. رومانيا تستثمر 3.5٪ من ناتجها المحلي الإجمالي في نظام التعليم. بينما بالمقارنة، تخصص بولندا و هنغاريا 5٪ “.



    ومع كل ذلك، يمكن أن تكون الإحصائيات مضللة عندما لا يعرف السياق الكامل لظاهرة هجر الدراسة و كيفية حساب هذا المعدل. تشبريان فارتوشنيك، الباحث في معهد العلوم التربوية، يخبرنا كيف يحسب هذا المعدل في رومانيا:

    “ننظر إلى عدد الأطفال الذين سجلوا في سبتمبر/ أيلول في المدرسة، و نتحقق من عدد الذين ينهون العام الدراسي في يونيو/حزيران. يتم حساب معدل التسرب من خلال مقارنة عدد الداخلين و الخارجين. أما فيما يخص الجديد الذي تجلبه هذه الدراسة فهي حقيقة السؤال عن عدد التلاميذ الذين يجب أن يكونوا في المدرسة. وهكذا نكتشف أن عددهم أكبر من عدد التلاميذ المسجلين. و بمساعدة المعهد الوطني للإحصاء، علمنا عدد الأطفال الذين من المفترض أن يكونوا في عمر الدخول إلى حلقة التعليم قبل الإبتدائي، أو في التعليم الأساسي. و قارنا هذا الرقم مع عدد من الأطفال المسجلين في نظام التعليم. و بعملية طرح بسيطة، وجدنا أن عدداَ أقل من الأطفال يدخلون الصف الأول مما ينبغي وفقا للبيانات الديموغرافية. و بعد ذلك، تأخذ هذه الظاهرة بالتزايد. في المدارس الابتدائية، نرى أن في الفئة العمرية 7-10 سنوات، يوجد أكثر من خمسة و خمسين ألف طفل من الذين لا يظهرون مسجيلين في التعليم، و في المرحلة المتوسطة أو الإعدادية نلاحظ نفس الشي، على الرغم من أن الأطفال يجب أن يكونوا مسجلين، لأنهم موجودون في بيانات التركيبة السكانية”.



    باستخدام طريقة حساب مؤسسات الإتحاد الأوروبي، تأخذ الظاهرة أبعاداً أخرى، و يجب أن تفهم خلاف ذلك. تشبريان فارتوشنيك، يحدثنا مجدداً:

    “على مستوى الإتحاد الأوروبي، لا تقارن معدلات هجر الدراسة بين الدول الأعضاء، لأن هناك اختلافات منهجية هامة. على سبيل المثال، هناك طريقة يتم فيها الحساب بالأفواج، على مدى عدة سنوات من الدراسة. المؤشر المستخدم هو معدل ترك المدرسة في وقت مبكر. لأنها تركز على فئة عمرية محددة تتراوح ما بين 18 و 24 سنة. لماذا؟ لأنك تنتظر أن تجد هناك، شباباً لديهم مستوى أساسي من التعليم. و بطريقة الحساب هذه، نرى أن شاباً واحداً من بين خمسة شباب لا ينجح و لا حتى في إنهاء التعليم الإلزامي بإتمام عشرة صفوف”

    أيهما كانت طريقة الحساب، فإن حلول هجر الدراسة، تنطوي على التعاون بين عدة مؤسسات، كما و لا يمكن التغاضي عن إحصائيات مثل تلك المدرجة في دراسة”جميع الأطفال في المدارس بحلول عام 2015، المبادرة العالمية بشأن الأطفال خارج منظومة التعليم: دراسة استقصائية وطنية “.

  • المجمتع المدني يكرم نخبه

    المجمتع المدني يكرم نخبه

    كرم المجتمع المدني النخب في بداية الصيف، في إطار “حفل تكريم المجتمع المدني”، الذي نظم هذا العام في دار الأوبرا الوطنية في بوخارست، حيث تنافس مئتان و عشرون مشروعاً خاصاً بمنظمات من القطاع غير الحكومي، أفضلها منحت جوائز في إطار 17 فئة، كما منحت، كذلك، جائزة كبرى. أطفال مرضى، فنانون شباب، مسنون فرادى، و حدائق مهجورة، أو نظم بيئية مهددة بالإنقراض، و فئات أخرى، حظيت، في عام 2012، بمساعدات من قبل الجمعيات المقدمة من قبل جمعيات فازت بجوائز في عام 2013، في إطار حفل المجتمع المدني.



    و بإستمرار، نأمل أن ننقل الأجواء العاطفية للحفل، بأن نقدم لكم جزءاً من الفائزين: الجائزة الأولى في فئة “التربية و التعليم، و البحث”، كانت من نصيب جمعية ” Little People” أي “الناس الصغار” عن مشروع “مدرستي في المستشفى”. و بشكل آخر، فقد فازت جمعية ” Little People” أي “الناس الصغار” بعدد كبير من الجوائز — خمس جوائز تحديداً! ليس فقط عن مشروع “مدرستي في المستشفى”، و عن مشروع، “أبطال ذوي إعاقات، و عن “مجلة المغامرون الصغار ” و “لسنا خائفين”. و من خلال “مدرستي في المستشفى”، الفائز في بالجائزة الكبرى، قدُمت معونات لأطفال شتى من الذين يتلقون العلاج في أقسام الأورام السرطانية، لمساعدتهم على مواكبة المقررات المدرسية، بواسطة دروس تنظم في المستشفى من قبل متطوعي الجمعية.



    متواجدة في حفل توزيع الجوائز، وانا روسو، المسؤولة الإعلامية في جمعية ” Little People” أي “الناس الصغار”، حدثنا بقولها:


    “ستقاسم هذه الجائزة مع كل الأطفال الذين يؤمنون بأهمية المدرسة. أشكركم على دعمكم لنا، عندما نقود كل طفل من يده إلى المدرسة، و نعلمه أن، بغض النظر عن المصاعب التي يمر من خلالها، فهو بحاجة إلى المدرسة و إلى التعليم. إنه لأمر مدهش ما يحدث في المستشفى. يُمكن للأطفال العودة إلى المدرسة، و يمكنهم أن يكملوا المدرسة مع أقرانهم، و دون أن يشعروا أنهم خارج المجتمع”.



    في فئة “الفن و الثقافة” حظي بالجائزة الأولى مشروع “المواهب الشابة” لمؤسسة “الأميرة مارغريتا من رومانيا”. فمنذ سنوات عديدة، موسيقيون و فنانون تشكيليون شباب، دون موارد مالية كافية، يتلقون منحاً دراسية، لمواصلة التدريب الفني. عن المساعدة الممنوحة لهؤلاء الشباب تكلم، موغوريل مارغاريت-إينيسكو، المدير التنفيذي لمؤسسة “الأميرة مارغريتا من رومانيا”:


    “إنه مشروع في غاية الجمال، و نحن نعتز به كثيراً، و هو يمنح فرصة للشباب الموهوبين، الذين يأتون من أسر، بلا امكانيات مادية. و إذا لو لم يكونوا قد حصلوا على هذا الدعم من – منح دراسية، و توجيه و ترويج — فإنهم قد يخسرون، ليس فيما يخص أنفسهم فحسب، بل و فيما يخص رومانيا بأكملها، التي لن تستفيد بجمال ما يبدعونه. إنه مشروع بودر فيه وفقاً لتقليد البيت الملكي لدعم الثقافة”.



    مجردة من المساحات الخضراء و الحدائق، بعض أحياء المباني السكنية في بوخارست، تخلو حتى من الهواء النقي أو الأماكن الملائمة للعب الأطفال. و لكن بحس مدني وفير، سكان حي مثل “درومول تاباري” (أي طريق المعسكر) شكلوا جمعية لتأهيل حديقة بين العمارات السكنية. و قد كوفئت جهودهم بالجائزة لفئة “السلوك المدني و المشاركة العامة”. ديليا ميهالاكيه، عضوة المبادرة المدنية “كالاتس- درومول تاباري”، تلقت درع إعادة تأهيل حديقة “إيسترو”:


    “نهدي هذه الجائزة لأولئك الذين يدافعون عن حديقة أخرى، حديقة غازي في اسطنبول، و لكنهم يدافعون عن حق العيش بشرف و نزاهة في بلدهم، و عن حق الإستشارة، عند إتخاذ قرار يؤثر عليك. نأمل أن هذه الجائزة ستفتح لنا أبواب قاعة الإجتماعات العامة في بلدية بوخارست، لنا نحن و لمواطنين آخرين مهتمين”.


    فئة “الصحة” كان لها فائزان بالجائزة الأولى، في حفل توزيع جوائز المجتمع المدني، هما: مؤسسة القديسة إيرينا “Irina.Sf ” عن مشروع “تخفيف المعاناة التي يجلبها مرض السرطان”، و لجمعية “أمهات” عن مشروع “الطفولة لا ينبغي أن تعيش في المستشفى”. مؤسسة القديسة إيرينا “Irina.Sf ” تطور علاجات الملطفة لمرضى السرطان. إيما-مادالينا بوبيسكو، رئيسة المؤسسة:


    “أشكركم بإسم مرضى السرطان الذين يعيشون بسرية صدمة المعاناة، و الهجر، و اللامبالاة، وعدم الراحة التي يخلقها من حولهم. فريقنا ينجح، بصعوبة أكبر فأكبر، في تعويض عدم الإكتراث الكلي، للمسؤولين الحكوميين الذين يعيشون هلوسة أسطورة شباب بلا شيخوخة و حياة بلا موت”.



    ماريا كوليسكو، مؤسسة جمعية أمهات، تعرف من تجربتها الخاصة، ما يعنيه أن تعيش حياتك في المستشفى. و لذلك، فإن مشروع “الطفولة لا ينبغي أن تعيش في المستشفى،” ينظم دورياً مختلف ورش العمل الإبداعية، و أحداثاً و عروضاً لتقليص التوتر أثناء فترة العلاج، وجعل الأطفال ينسون الألم و المرض. في نهاية هذا الجهد لجعل الأطفال يبتسمون، فإن كل ما يتبقى عمله هو التعبير عن الإمتنان. ماريا كوليسكو:


    “أنا كنت محظوظة، بوجود زملاء في المهنة، من الذين يدعمونني و ويحبونني، ربما لأنني كنت مريضة سرطان سابقة، مكرسة لمرضى السرطان … أشكر الطاقم و الداعمين و الشركاء”.



    المشاريع الموجة لحماية البيئة، توجد على جدول أعمال العديد من المنظمات غير الحكومية في رومانيا. لذلك، فلا يمكن لهذا القطاع أن يغيب عن حفل المجتمع المدني. الجائزة الأولى لفئة “حماية البيئة” كانت من نصيب جمعية “إحموا الدانوب و الدلتا”، عن مشروع “إلى صيد الصيادين في محمية المحيط الحيوي لدلتا نهر الدانوب”. و من خلال هذا المشروع، ناضلت الجمعية ضد خطوات حملة رفع الحظر عن الصيد في الدلتا، معتبراً أن هناك خطر يتمثل في أن اعادة السماح بممارسة هذه الأنشطة، فإن المجتمعات المحلية، قد تعاني، بسبب إعتمادها بشكل مباشر على الموارد و الإمكانيات التي يوفرها التنوع الحيوي. و خلال منح الجائزة، عبر ليفيو ميهايو، ممثل جمعية “احموا دلتا الدانوب”، عن شكره لجميع المنظمات غير الحكومية عن جهود السنوية:


    “ندائي ليس للفريق الذي كان لدينا معه أشياء كثيرة يجب عملها به في هذه الحملة. مناشدتي هي للمجتمع المدني، المتواجد هنا في القاعة. في هذا البلد، علينا نحن أن نعمل لمدة 50 سنة قادمة لإصلاح ما يحتاج إصلاحه “.



    منظم تحت شعار “حتى الخير يمكن أن يكون مثيراً”، حفل توزيع جوائز المجتمع المدني لهذا العام، حظي بعدد قياسي من المشاريع المسجلة في المنافسة. وهذا يدل على حيوية هذا القطاع، الذي، على الرغم من هشاشة مصادر التمويل، إلا أنه يواصل تقديم دعم إلى العديد من فئات السكان المحرومين.

  • حملة “مرحباً بكم في العالم”

    حملة “مرحباً بكم في العالم”

    يقول الأطباء إن ثلث هذه الوفيات يمكن منعها من خلال تطوير برامج دعم للأمهات و الأطفال، و تزويد مستشفيات الولادة و مراكز الأمومة و أقسام الأطفال حديثي الولادة بمعدات طبية متطورة. منظمة “أنقذوا الأطفال”، في رومانيا، وضعت في حُسبانها تغيير هذه الإحصائيات المؤلمة، و انضمت إلى البرنامج الدولي ” Every one ” أي “كل واحد”، الذي تديره، منظمة ” Save the Children International ” أي منظمة “أنقذوا الأطفال” الدولية، بهدف تقليص وفيات الرضع بنسبة 15٪ و الحد من وفيات الأطفال دون سن الخامسة، في الفترة 2010-2015.



    في هذا الصدد، بادر فرع المنظمة في رومانيا، قبل عامين، ببرنامج واسع النطاق تحت مسمى “كل طفل يهم” — و في إطار هذا البرنامج، توجد حملة جمع تبرعات تحت شعار “مرحبا بكم في العالم”. و حتى الآن، من الأموال التي جمعت، تلقى خمسة عشر مركزاً للأمومة في البلاد، معدات طبية تساعد الأطباء في جهودهم لإنقاذ الأطفال الخُدج. القيمة الإجمالية للتمويل المقدم من منظمة “أنقذوا الأطفال”، في رومانيا، العام الماضي، عبر حملة لإعادة توجيه 2٪ من ضريبة الدخل، و كذلك عبر سخاء الشركات و الأفراد، من خلال التبرعات، تجاوزت مليون ليو. و بالمثل، أيضا، شارك إثنان و أربعون موظفاً و أكثر من ثمانمائة متطوع من مختلف المدن في هذه الحملة للحد من وفيات الرضع في رومانيا.


    في ختام هذا البرنامج، قدمت منظمة “أنقذوا الأطفال” مؤخرا لمستشفى “كانتاكوزينو” التخصصي، في العاصمة، حاضنة متنقلة، و لمركز أمومة “بوليزو” جهاز تنفس إصطناعي، بقيمة أربعة و عشرين ألف يورو. السيدة/غابرييلا أليكساندريسكو، الرئيسة التنفيذية لمنظمة “أنقذوا الأطفال” — رومانيا:


    “أجريت بعض الحسابات البسيطة، فوجدت أن هذه المعدات ستساعد في إنقاذ ثلاثمائة و سبعة و عشرين رضيعاً، و ستضمن إجراء ثلاثمائة و ثمانين ولادة في ظروف طبيعية، بمساعدة المعدات و التجهيزات التي زودنا بها بعض مراكز الأمومة، و بالطبع نحن نريد أن نستمر”.


    على الصعيد الوطني، مستشفيات الولادة و مراكز الأمومة، تعد سيئة التجهيز، أما المعدات و الأجهزة الطبية، فهي قديمة جداً، أما عمرها الإفتراضي، فقد إنتهى منذ زمن بعيد، مما يجعلها غير صالحة للإستخدام. و يضاف إلى كل ذلك نقص عدد الموظفين المختصين — في رأي الطبيب/ أدريان كراتشون، رئيس قسم الأطفال حديثي الولادة، في مستشفى “كانتاكوزينو” في العاصمة:


    “نحن مركز أمومة صغير. ليس لدينا سوى حوالي ألفين و مائتي حالة ولادة سنوياً، و لكن أكثر من 20٪ من الأطفال الذين يتلقون رعاية صحية هنا، هم من أطفال خدج. لأننا مركز أمومة من المستوى الثالث، نستقبل عبر التحويل، من مراكز أمومة أخرى، أطفالاً حديثي الولادة، يعانون من مشاكل. في الأسبوع الماضي فقط، إستقبلنا ثلاثة أطفال من ثلاث مستشفيات مختلفة، من بينهم طفلان مع جهاز تنفس ميكانيكي. للأسف في بعض الأحيان، لا يمكننا إستقبالهم جميعاً، فليست لدينا أماكن كافية ليست، حيث توجد لدينا تسعة أماكن للعلاج المكثف، و غالباً ما تكون هذه الأماكن مشغولة أكثر من طاقتها، و أخشى أننا قريباً، لن نستطيع تلقى أية حالات، لأن لن يكون لدينا تجهيزات تمكننا من العمل. إنه، للأسف، وضع حقيقي، لا أعرف مدى سهولة تجاوزه”.



    نقص التمويل، يبقى أيضاً مشكلة واقعية للنظام الصحي الروماني. رئيس قسم الأطفال حديثي الولادة، أضاف أن الوحدة الصحية، تلقت هذا العام، أموالاً أقل من العام الماضي، للبرامج الأربعة التي تنفذها: للأطفال الخدج، و للعدوى بفيروسات الجهاز التنفسي، و الوقاية من سوء التغذية، و إكتشاف قصور السمع لحديثي الولادة:


    “في العام الماضي تلقينا أربعة مليارات ليو، أما هذا العام فستمائة مليون ليو فقط. و هذا فارق كبيرٌ جداَ. نحن نعيش الآن، فعلياً، مما جمعنا العام الماضي. و من هذه الأموال، اشترينا كل ما يعنيه المطبخ الداخلي، و لكن فجأة، لم نتلقى أي أموال. لا يمكنك علاج الأطفال الخدج حديثي الولادة بالهواء…”.



    وزارة الصحة، ستعيد تأهيل و تجهيز عشرين مركزاً و عنبراً للأمومة، على المستوى الوطني في عام 2013 من خلال برنامج بتمويل من البنك الدولي – وفقاً لما أعلنه وكيل وزارة الصحة، الدكتور/أدريان بانا:


    “هذا البرنامج لإعادة تأهيل و تجهيز مراكز الأمومة من قبل البنك الدولي، هو برنامج تم تطويره على مدى فترة طويلة من الزمن. وقد تم الإنتهاء من جزء منه في السنوات الماضية، و جزءٌ آخر منه، قيد التنفيذ، كما تُجرى محادثات للحصول على قرض جديد من البنك الدولي لمواصلة الإستثمار في كل ما يتعلق بالتجهيزات، بما في ذلك لمستشفيات الولادة و مراكز الأمومة. و لكن أريد أن أؤكد شيئا واحداً: وفيات الرضع لا تتسبب في حدوثها مراكز الأمومة حصرياً. وفيات الرُضع تعد مؤشراً مركباً و معقداً يبين لنا مستوى تطور الأمة. من المهم للغاية وجود مركز أمومة مجهز، تحظى فيه الأم و الطفل بخدمات طبية مضمونة، و لكن من المهم للغاية أيضاً، أن يواصل هذا الطفل، حياته بأمان، بعد خروجه من مركز الأمومة، لهذا، فإن ليس النظام الصحي فحسب، بل وغيره من النظم، يمكنها عمل الكثير، و هذا الأمر، سينعكس مرة أخرى، في تقليص معدل وفيات الرُضع”.



    “لكل طفل الحق في الحياة. من الذي يُمكنه أخذه منه؟ ” تساءلت غابرييلا أليكساندريسكو، الرئيسة التنفيذي للمنظمة، و التي أكدت أن منظمة “أنقذوا الأطفال” في رومانيا، ستواصل، في هذا العام، أيضاً، جمع الأموال اللازمة، لكي تتمكن الوحدات الطبيية، من الإستفادة و الإنتفاع بالتجهيزات و المعدات الطبية الضرورية لتقديم رعاية خاصة للأطفال الخدج.

  • فواكه و خضروات طازجة في المدارس

    فواكه و خضروات طازجة في المدارس

    إحدى هذه الأساليب يطلق “مخطط توزيع الفواكه في المدارس”. حيث تدعم المفوضية الأوروبية مالياً منذ خمس سنوات هذا البرنامج، مما أدى إلى إزدياد عدد الأطفال الذين إنتفعوا بهذا البرنامج بشكل مستمر. فعلى سبيل المثال، خلال العام الدراسي 2011/2012، تلقى أكثر من ثمانية ملايين و مائة ألف طفل من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي المشاركة في هذا البرنامج، وجبات منتظمة من الفواكه و الخضروات في المدارس، و من بينهم يوجد عدد من تلاميذ المدارس في رومانيا، الذين إبتداءً من عام 2009، أصبح كل واحد منهم يتلقى، في المدرسة، تفاحة طازجة في إستراحة الغداء.



    ايرينا كريانغا، مستشارة الشؤون الأوروبية في إطار وزارة الزراعة و التنمية الريفية، توضح لنا كيفية الشروع بهذا البرنامج الأوروبي في رومانيا، و كيف تم تلقيه:


    “منذ بداية البرنامج، لم نوزع سوى تفاحاً فقط، و ربما سنستمر بتوزيع التفاح، و لكننا لم نقرر بعد. فعلى سبيل المثال، في الفترة 2010-2011، إنتفع أكثر من مليون طفل في أكثر من ستة آلاف و مائتي مدرسة من هذا البرنامج. كما أجري في رومانيا تقييم خلال تلك الفترة. و قد لوقي البرنامج بشكل جيد للغاية بين التلاميذ. حيث أكد نحو ثلثي عدد الأطفال أنهم قد أكلوا التفاحة التي تلقوها. 86٪ منهم يعتقدون أن هذا البرنامج مفيد و ينبغي أن يستمر. أما فيما يتعلق بالتفضيل، فيعد التفاح من بين الفواكه المفضلة. و يبين التقرير أيضا، أن الأطفال في المناطق الريفية، يفضلون الفواكه الاستوائية مثل الموز”.


    البرنامج يبدو ناجحاً، أيضاً، في الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الأخرى، حيث يتم تطبيقه. حول هذا الموضوع، تحدثنا مع كلاوديو تشيبريان تاناسيسكو، النائب في البرلمان الأوروبي، و عضو لجنة البيئة و الصحة العامة و سلامة الأغذية:


    “في تقرير التقييم، يعد هذا البرنامج مساهمة ضرورية و ملائمة، في نفس الوقت، لضمان اتباع نظام غذائي أكثر توازناً بالنسبة للأطفال. و هم في المدارس متحمسون للبرنامج، و يريدون المشاركة فيه مستقبلاً أيضاً و في الدول المشاركة، لوحظ بشكل واضح، إزدياد في استهلاك الفواكه في المدارس، حيث تم تجاوز الكمية الموزعة. و مع ذلك، لا يمكن القول بعد، إذا ما إذا كان البرنامج سيقود، مع مرور الوقت، إلى تحسين العادات الغذائية”.



    نجاح هذا البرنامج، جعل المفوضية الأوروبية تخصص أموالاً إضافية للعام الدراسي 2013-2014. و لهذه الفترة من برنامج “مخطط توزيع الفواكه في المدارس”، كرست مخصصات أوروبية بقيمة تسعين مليون يورو. أما المستفيدون الرئيسيون، فسيكونون من إيطاليا، التي ستتلقي عشرين مليون و خمسمائة ألف يورو من خلال هذا المخطط، تليها بولندا بثلاثة عشر مليوناً و ستمائة ألف يورو، و ألمانيا بإثني عشر مليون يورو، و رومانيا بأربعة ملايين و تسعمائة ألف يورو، و فرنسا بأربعة ملايين و سبعمائة ألف يورو، و هنغاريا بأربعة ملايين و خمسمائة ألف يورو، و إسبانيا بأربعة ملايين و أربعمائة ألف يورو، و جمهورية التشيك بأربعة ملايين و مائتي ألف يورو. و بالتأكيد، سوف تستكمل هذه المبالغ من خلال نسبة التمويل المشترك المفروضة على كل بلد. في رومانيا، سيتم توزيع الفاكهة لمدة 100 يوم، إبتداءً من شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2013. ومن المتوقع أن تشارك في هذا البرنامج – في العام الدراسي 2013/2014 – أكثر من سبعة آلاف و خمسمائة مدرسة، و ضمنياً سينتفع من هذا البرنامج حوالي مليون و سبعمائة ألف تلميذ.



    “مخطط توزيع الفواكه في المدارس”، يتضمن أيضاً جزئية تربوية: حيث يتعلم التلاميذ تناول طعام صحي، و يتعرفون على كيفية نمو الفواكهة التي يستهلكونها. إيرينا كريانغا، مستشارة الشؤون الأوروبية في وزارة الزراعة و التنمية الريفية، تعود لتحدثنا مجدداً:


    “بالدرجة الأولى، يتم التعرف على الأهداف الصحية والتربوية، مثل الترويج لنمط حياة صحي يقوم على تناول الفواكه و الخضروات الطازجة، و التعود على إستهلاك أطعمة صحية، و التوعية بمزايا إستهلاك الفواكهة و الخضروات. و بالإضافة إلى الصحة و التربية، فإن أحد الأهداف هو تقريب الأطفال من الوسط الريفي. و نتحدث هنا عن تنظيم زيارات أو رحلات إلى مزارع الفواكهه و الخضروات و معارض المحاصيل الزراعية، و أسواق المنتجات الغذائية و “أيام الحصاد”. و بالمثل، ستنظم في المدراس أيضا مسابقات و دورات للزراعة و الإعتناء بالحدائق، أو ما يسمى بحصص التربية الصحية، إن صح التعبير”.



    بالرغم من ارتياحهم و رضاهم عن المبادرة، يعتقد الآباء أن هذه التدابير التربوية الإضافية لا يتم فهمها و تطبيقها على نحو كاف. أدريان توبور، نائب رئيس الاتحاد الوطني لجمعيات أولياء الأمور، يحدثنا حول توزيع التفاح في المدارس:


    “لدينا مؤشرات على أن في بعض المناطق، سارت الأمور بشكل أصعب قليلاً. حيث تأخر وصول التفاح قليلاً، و كانت الجودة متدنية بشكل لا يرقى إلى المستوى المطلوب. أما من وجهة نظرنا، فلم يطبق هذا البرنامج بشكل تام، و لم يكن موجهاً صوب ما كنا نصبوا إليه، عندما يتعلق الأمر بأطفالنا: بأن نعلمهم منذ صغرهم بأن يحظوا بسلوك تغذية صحي. فإذا أعطيناهم، بكل بساطة، تفاحة و قلنا لهم أن يأكلوه، فهذا غير كافٍ. و إذا كنا نحن،كبالغين، لا نأكل الفاكهة والخضار، فلن يأكلوا و لا حتى هم بدورهم. فإذا كنا فقط نقول لهم أن يأكلوا الفاكهة أو الخضار، فلن يستمعوا لنا. لذلك، فمن الطبيعي أن نشرح لهم لماذا يُعد تناول مثل هذه الثمار جيداً. و بالمثل، يجب علينا أن نحرص على أن تكون التفاحة لذيذة أيضاً، و ليست عديمة الطعم أو حامضة. و لكن توجد كذلك مشكلة أخرى: ألا و هي غياب أماكن ملائمة يتناول فيها أطفالنا هذه الأطعمة، و في ظروف جيدة جداً من وجهة نظر صحية، حيث يتم استهلاك الفواكه و الحليب و الفطائر في الفصول الدراسية”.



    وجود قاعة خاصة لتحضير الأطعمة و تقديمها، أو صالة لتناول الطعام تعد أكثر ملائمة، في رأي أولياء الأمور. و إبتداءً من العام الدراسي المقبل، برنامج الإتحاد الأوروبي “مخطط توزيع الفواكه في المدارس” سيتم تطبيقه في رومانيا في التعليم الابتدائي و الإعدادي، إبتداءً من الصف التحضيري.

  • تحرير و تأهيل النساء في الوسط الريفي

    تحرير و تأهيل النساء في الوسط الريفي


    أما النساء في القرى، فيشكلن، لربما الفئة الأقل من ناحية تسليط الضوء عليها، على الرغم من أن القرية هي موطن لأكثر من نصف نساء رومانيا، حيث تمثل النساء القرويات 56.6٪ من مجموع السكان الإناث. عملهن و معيشتهن، غالبا ما لا يكونان معروفان بشكل تام، حيث أنهما لا يخرجان عن نطاق خصوصية بيوت الأسر الريفية، حيث يعمل، بشكل آخر، أكثر من ثلاثة أرباع الناس في القرى. 67٪ من نساء الريف لا يحظين بوظيفة، و يعملن داخل البيت، و هو عمل غير مدوفوع، و دون أي مقابل مادي ملموس، سوى من خلال الشعور بالرضا، لتقديم الغذاء و توفير الراحة للأسرة. إلا أن مهنتهن — المعرفة بشكل مختلف عن مهنة نساء المدن — لا تمنحهن استقلالاً إجتماعياً أو مالياً. و لكن، لو حولت النساء عملهن المعتاد إلى ل مهنهم العادية إلى نشاط يجلب لهن ربحاً مادياً و معونياً على حد سواء؟


    هذا هو ما اقترحه اتحاد النقابات في الزراعة – AGROSTAR — عبر مشروع E-Word، لتحريرالنساء في الوسط الريفي، و الممول من قبل البرنامج الأوروبي التشغيلي القطاعي لتنمية الموارد البشرية. الفئة المستهدفة للمشروع كانت ممثلة بألفين و خمسين إمرأة من الوسط الريفي، من 6 مناطق للتنمية الإقليمية في رومانيا. المشروع إقترح تقديم دورات تدريبة و إستشارات للنساء القرويات اللواتي يرغبن في الحصول على وظيفة، أو أن يصبحن ربات أو متعهدات أعمال، بتحويل أنشطهن الحالية إلى أعمال مدرة للربح.


    ما الذي تحقق فعلياً، نتيجة لهذا المشروع؟ تخبرنا وانا كالينشوك — المنسقة الفنية لمشروع ” E-Word – تحرير النساء من أجل التنمية الريفية”:


    “لدينا أربع مراكز للإستعلام و الإستشارة للنساء في محافظات: آرجيش، تيميش، دولج و غالاتس. أما نساء المناطق الريفية، فهن المنتفعات. حيث توجد أكثر من 800 إمرأة من اللواتي توجهن إلى موظفي المراكز. أكثر من 48٪ منهن، شاركن في دورة تدريبية للتأهيل المهني. و في جميع المراكز و البلدات التي طبق فيها المشروع، تم الإنتفاع بالخدمات التالية: توفير المعلومات و تقديم المشورة لتنظيم المشاريع، و خدمات استشارية لريادة الأعمال، خدمات التدريب و التأهيل المهني، و توفير دعم لخلق توافق بين الحياة الأسرية و الحياة المهنية”.


    اعتمادا على خيارات النساء في المنطقة، نُظمت خمس دورات تدريبية للتأهيل المهني، كان عدد المشاركات فيها ألف و مائتي إمرأة. تدربت المنتفعات في دورات تأهيلية في مهن، مثل: حرفيات لتقليم أظافر اليدين و القدمين، و مربيات لرعاية الأطفال، و بائعات أو عاملات لترتيب السلع على أرفف المتاجر، أو عاملات في مجال تعليب و تغليف الخضروات و الفواكه أو في معامل تحضير الحلويات و المعجنات. أما عما إذا كانت هذه الدورات قد حققت أم لا النتائج المرجوة؟ فتخبرنا، مجدداً وانا كالينتشوك:


    “الدورات الأكثر رواجاً كانت للتأهل كعاملات تجاريات، و مقلمات أظافر، و حلوانيات. أما أقل الطلبات فكانت لمربيات رعاية الأطفال. جميع النساء المشاركات، تلقين مساعدة للعثور على مكان عمل. و قبل نهاية المشروع وجدت 130 مشاركة مكان عمل أو بدأت مشروعاً شرعت في أعمال تجارية على حسابها الخاص و من تلقاء نفسها. كما نظمنا دورة لمهارات للمبتدئات لتعريفهن بمبدئ إستخدام الحاسوب، لخمس مجموعات من النساء من محافظتي دولج و ديمبوفيتسا، بلغ عددهن الكلي 100 امرأة. و في نهاية الدورة، قدمت جميع النساء المشاركات امتحاناً للحصول على شهادة إثبات المهارات”.


    و بعد الدورات و تقديم الإستشارات المهنية، تحمست بعض النساء، و تحلين بشجاعة كافية لإفتتاح مشروع مشروعات تجارية خاصة، أو للحصول على أموال من صناديق أوروبية لتمويل مشاريعيهن التي إفتتحنها مسبقاً. ايلينا أوداجيو، من محافظة أولت، أم لطفلين، حولت حبها للزهور إلى أعمال تجاري:


    “الزهور كانت تمثل هواية قديمة لي، و بعد ذلك، دخلت في أحد المشاريع الممولة بمخصصات من صناديق الاتحاد الأوروبي. و هو مشروع يركز على الخضار و الزهور في المناطق المحمية. إنه مشروعي الخاص، و أنا سيدة حياتي و وقتي. أقرر ما أفعل، و متى آخذ إجازة، و متى أريد أن أعمل. هذه هي إحدى المزايا. و لكن الميزة الأكثر أهمية، هي قضاء مزيد من الوقت مع الأسرة، و البقاء مع بجانب طفلي، و بجانب زوجي. و إذا كنا نتحدث من ناحية نفسية، فحقيقة أن هذا هو مشروعي، و أنا صاحبته، تمحني شعوراً أفضل”.


    بالنسبة لإيكاترينا أولتيانو، من محافظة براهوفا، فإن أموال الصناديق الأوروبية، عنت لها أيضاً، إمكانية تحويل نشاطها المنزلي إلى عمل مربح:


    “زوجي حصل على تمويل أوروبي للزراعة، و قمنا بدورنا بتطوير مزرعة. وبعد ذلك، التحقت بدورة لتجهيز الفواكه و الخضروات، و بدأت بحفظ الخضروات، و بتحضير “الزاكوسكا” — يخنة مزيج الخضروات، وفقاً للوصفات التقليدية، التي تقدم كنوع من المقبلات الباردة — بالإضافة إلى المُخللات”.


    و قد ساعد إفتتاح هذا المشروع التجاري، إيكاتيرينا على التعرف على نفسها، بشكل أفضل، و معرفة كيفية تقييم الوقت و الإستفادة منه بشكل أفضل:


    “أستطيع القول أنني حظيت بشجاعة أكبر، عندما تعلمت أكثر مما كنت أعرف، لقد إمتلكت شجاعة كافية، لشق الطريق و المضي قدماً. ميزة أنني أقيم بجانب الأسرة، و أنني طوال الوقت متواجدة في منزلي، و أعلم ما يتوجب علي فعله … كلها جيدة جداً. و ما أفعله جيد بالنسبة لي و لأسرتي كذلك”.


    ماريانا فيرارو، من محافظة فيلتشا، لديها تسعة أبناء، أكبرهم يبلغ الثالثة و العشرين من عمره، و أصغرهم في الخامسة والنصف. بل حتى أنها، في شهر مارس/آذار، ستلد طفلاً آخر. بالنسبة لها، فقد حفزها أطفالها لممارسة أحد الأنشطة. ماريانا فيرارو:


    “أخذت دورات في AGROSTAR. أريد أن أفتتح شركة لممارسة أعمال تجارية، لقد قدمت جميع الوثائق، و نحن في إنتظار الموافقة عليها. إنها شركة لتجارة التجزئة و النقل. يجب علينا أن نوجه أبناءنا نحو طريق أفضل. الزراعة كانت تحتل المرتبة الأولى في حياتي دائماً، و أود أن يوجه جميع الآباء و الأمهات أبناءهم نحو الزراعة، لأننا نعيش عليها و نقتات منها”.


    بالنسبة لجميع هؤلاء النسوة، رأس المال كان، أن يجدن نشاطاً يتيح لهن البقاء، بإستمرار، مع أطفالهم و أسرهن.