شارع بريزويانو

شارع بريزويانو / صورة: RRI

أحد الشوارع  الرئيسية  القديمة في بوخارست هو شارع بريزويانو  الذي يقع   أحد طرفيه في الوسط  التاريخي  للعاصمة ويتقاطع مع واحدة  من أقدم  الجادات  فيها وهي جادة إليزابيتا حاليا.  إنه أيضا أحد  الشوارع القديمة  التي حافظت على العديد  من  معالمها  التاريخية  القيمة .

 

تاريخ شارع بريزويانو  يبدأ  في القرن السابع عشر وتحديدا  في عام 1703 عندما  منح   الأمير  كونستانتين برانكوفيانو  الإقطاعي الكبير  باتراشكو  بريزويانو  قطعة أرض كبيرة   لبناء  منازل عائلته  فيها   فسمى  بريكويانو باسمه   الحي السكني   الذي  نشأ  حول   منازله في ذلك المكان . وقد تطور الحي باستمرار خاصة  بعد أن  بدأت السلطات  بتجفيف المستنقعات  الواقعة على مقربة  منه  تمهيدا  لإنشاء  متنزه  شيشميجيو في  منتصف القرن التاسع عشر.

ولكن رغم  دور الإقطاعي  باتراشكو في تطوير المنطقة  وتحديثها  إلا أن  الذاكرة  الجماعية  تنسب اسم  الشارع   بشكل خاطئ  للممثل إيانكو بيزيويانو  بحسب  مؤرخة الفن أوانا ماريناكي: “إنه أحد  الأخطاء الأكثر  ورودا  في سجل  الشوارع. ربما  لكثرة  الشخصيات  المعروفة التي   حملت  لقب  بريزويانو  على  مر العصور حتى  أخذ سكان بوخارست  يخلطون  بينها . فإلى جانب الإقطاعي الكبير  باتراشكو  بريزويانو  كان  هناك  ممثل  معروف  هو إيانكو بريزويانو  وأيضا  مدرس مشهور  قام بإصلاح نظام التعليم هو إيون بريزويانو.

 

مما لا  شك فيه أن  الشخصية  المركزية  في هذه القصة  هو الإقطاعي الكبير  باتراشكو بريزويانو الذي قام في مطلع  القرن الثامن  عشر بترميم  كنيسة  قديمة  كانت تقع  على  مقربة  من منزله  وسميت لاحقا  باسمه . كانت   مبنية  من الخشب أصلا  ولكن بريزويانو  أعاد بناءها  من الحجر في  عام 1710. وظلت  الكنيسة  قائمة  هناك   حتى عام 1959 غير أنها  كانت قد  تعرضت لزلزال عام 1940 المدمر وثم  للقصف  عام 1944  كما تضررت جراء أعمال التنظيم العمراني  التي  أجريت  في العاصمة في مختلف الحقب التاريخية  وفي نهاية  المطاف تم هدم الكنيسة.  ما أريد  توضيحه في هذا السياق  أن  الأحياء  السكنية  القديمة في وسط بوخارست قد  بني معظمها   في أراض ممنوحة بموجب عقود إيجار طويلة الأجل  وغالبا  كانت تلك الأراضي تقع قرب  كنائس . أما  الممثل بريزويانون والمدرس  بريزويانو  فلم يكن  لأي  منهما  منزل في ذلك الحي السكني  على الإطلاق .”

على  عكس  الكنيسة القديمة وغيرها من المباني التي أصبحت أثرا  بعد عين لا تزال معالم  تراثية عديدة  قائمة  في شارع  بريزويانو ومن بينها  قصر جمارك  البريد الذي شيد ما بين عامي 1914 و1926  والمبنى  الذي كان  يستضيف مقر صحيفة  يومية  كبرى  في  الفترة ما بين  الحربين العالميتين  بالإضافة إلى  مبان  أخرى  نجت  من  ويلات  الزمن  رغم  هشاشة  البنية التحية  في المنقطة :  “اهتمت  السلطات  باستمرار   بإصلاح  شارع  بريزويانو وتبليطه  لأنه  كان  موازيا  لشارع   فيكتوريا  الرئيسي  كما  كان يتميز بجمال لافت  بفضل القصور الرائعة والمنازل الفخمة لسكانه من الإقطاعيون  الكبار والشخصيات  المرموقة . ولكن  إحدى المشاكل التي  عانت  منها المنطقة  تعلقت  بمتنزه  شيشميجيو  الذي  كان  لا يزال  يمثل  مصدرا   للفيضانات  والروائح  الكريهة  رغم  تجفيف  المستنقعات السابقة . فقد احتفظت الأرشيفات  بالرسائل التي كان  سكان شارع  بريزويانو  والشوارع  المجاورة  ومن بينهم  الرسام الكبير  تاتاراسكو  يوجهونها  إلى السلطات والتي  طالبوا فيها   بإيجاد حلول لوقف الفيضانات والتخلص من  الروائح الكريهة وخطر انتشار  الأمراض.”

لقد وجدت  تلك المشاكل  طريقها  إلى الحل   فلا يزال شارع بريزويانو  يحتفظ  بالعديد من  المعالم  التاريخية   التي تشكل  إلى جانب  معالم أخرى    في وسط بوخارست  مثل   مقهى  كابشا  والنادي  العسكري  والقصر الملكي السابق ومبنى المتحف الوطني  للفن  جزءا  من التراث  العمراني  للعاصمة  الرومانية  .