شهادة تحرير العبد ماتي أوبريا

:مصدر الصورة المتحف الوطني للتاريخ

شهدت   أوروبا   في عام 1848  موجة  من الثورات  عرفت  بربيع   الأمم انطلقت  من فرنسا وامتدت إلى  العديد  من البلدان  حتى وصلت إلى  إمارتي  مولدوفا وفالاهيا الرومانيتين  حيث  تماهت  مع   عملية  الم الأكانت  تأكيد الأمة الرومانية والوعي الوطني. كانت  العبودية   ظاهرة مألوفة  في الإمارتين  على مر العصور  أسوة  بالقنونة  مع وجود  أوجه  تشابه واختلاف بينهما . وكان  معظم  العبيد  في الإمارتين الرومانيتين  من الغجر   قبل الذين  كانوا يعتبرون   ملكا لأسيادهم  بحيث  كان يحق  للأسياد  أن يتصرفوا  فيهم   كما شاءوا وكان قانون العقوبات  الذي صدر عام 1818   في  إمارة فالاهيا  يقضي  بأن “جميع الغجر يولدون عبيدا   في حي أن “الغجر الذين  لا سيد لهم  يصبحون  تلقائيا ملكا   ملك للدولة”.

توجد لدى  المتحف الوطني  للتاريخ    مجموعة  من الوثائق  الرمسية  حول  وضع  الغجر  العبيد  وتحريرهم   ومن بينها   “شهادة التحرير من العبودية للمدعو   ماتي أوبريا”.  أندريا شتيفان الخبيرة  لدى المتحف الوطني للتاريخ  حدثتنا  عن الوثيقة وأهميتها : “شهادة التحرير من العبودية التي صدرت  للمدعو  ماتي أوبريا هي  واحدة من الشهادات  على  عملية   تاريخية استمرت  لعقود  ابتدأ من   منتصف القرن التاسع عشر في  الإمارتين  الرومانيتين   وتمثلت في  سلسلة  من الإصلاحات  أدت  في نهاية المطاف  إلى تحرير العبيد الغجر بعد أن  كان  استعباد   الغجر في الإمارتين قد  أصبح  مشكلة  اجتماعية  حادة  في منتصف القرن التاسع عشر  وكان  لا  من   حلها”.

عن ثورة  عام   في 1848 الإمارتين  وتأثرها  بالأفكار  السياسية والاجتماعية والثقافية   لسائر اللثورات  في أوروبا  آنذاك   حدثتنا  أندريا شتيفان مستحضرة  ما جاء  في   بيان  الثوار في إمارة  فالاهيا من أهداف  متعلقة  بتحرير  العبيد:

“بيان  الثورة  الذي صدر  في  الحادي والعشرين من يونيو  حزيران عام 1848   والذي تضمن  برنامج  الثوار الرومانيين   أشار  بصريح  العبارة إلى ضرورة  تحرير  العبيد . وهنا  يجدر الإشارة إلى  أن  معظم الثوار كان  من  المثقفين   الذين درسوا في الجامعات الغربية ون  أ تبنوا قيم التنوير ولذلك كان أولائك يشعورن  بحرج   شديد  لاستمرار العبودية    في   بلادهم  وكانوا يعتبرون الاستعباد  ممارسة عفا عليها الزمن وغير إنسانية .وجاء في  نص البيان ما يلي :  “إن الشعب الروماني يرفض لاإنسانية   الاستعباد  وينأى  بنفسه  عن هذه  الظاهرة التي  تمثل   وصمة عار في جبينه .”

قرر الثوار تشكيل لجنة تحرير العبيد  في  إطار مساعيهم   الرامية إلى القضاء على العبودية:

“علينا أن نأخذ في الاعتبار أن  الثوار  كانوا  تحت  ضغط  شديد  من جهة  وكانوا  بأمس الحاجة  إلى الظهور  في  مظهر المعتدلين  المقبولين  للجميع  من جهة أخرى  . فأولائك   المثقفون  الذين درسوا  في فرنسا كانوا  ينتمون   إلى  النخب  الاجتماعية والثقافية وفي الوقت نفسه كان  كثيرون منهم  من ملاك  الإقطاعيات وكان استغلال العبيد  العاملين  في إطقاعياتهم يدر أموالا  كثيرة عليهم  . وبالتالي  فبعد  خمسة أيام فقط من إعلان  بيان  الثورة  أي  في السادس والعشرين من يونيو حزيران عام 1848  تم تشكيل   لجنة مكلفة بتنفيذ  الإصلاح الاجتماعي اللازم  للقضاء على  العبودية   فأطلق عليها  لجنة تحرير العبيد.وبالإضافة إلى  مهمة تحرير العبيد  كلفت  اللجنة  لمهمة  إصداروثائق   التعويض  للعبيد  المحررين .”

 عن شهادة  تحرير العبد  أوبريا ماتي الموجودة  لدى  المتحف الوطني  للتاريخ   فقالت أندريا شتيفان: “إنها  نموذج  مطبوع  صدر  للعبد   ماتي أوبريا  الذي كان   يبلغ  العاشرة من العمر وكان  ملكا  للإقطاعي  يون   غيكا – أحد  ثوار عام  1848 وأحد أكثر  المناضين  حماسا   من أجل تحرير العبيد.”

أشارت  أندريا  شتيفان   إلى  سلبيات  عملية تحرير  العبيد  إبان ثورة  عام  1848 في الإمارتين  الرومانيتين :”لم تنجح   ثورة   عام 1848 في تحقيق  التقدم المرجو في  تحرير  العبيد  لأن  القانون  الذي  أقرتها الحكومة  المؤقتة  التي  تولدت  من  رحم  الثورة  كان أيضا  قانونا  مؤقتا عابرا  انتهى  مفعوله  مع  توقف  تلك  الحكومة عن العمل   .”

آثار  تشريعات   عام 1848  حول  تحرير العبيد  تبعات  امتدت إلى  القرن  العشرين  ومنه إلى يومنا  هذا : “تركت   العبودية  آثارا عميقة  ومعقدة للغاية على مجتمع الغجر بعضها  قصير المدى تمثل في تحرير  العبيد بشكل فعلي  والبعض  الآخر  بعيد  المدى تجلى   إبان الحرب  العالمية وخاصة  أثناء  ما يسمى  بمحرقة الغجر وثم في زمننا هذا  في ميل  المجتمع  الحالي  إلى   تهميش  الغجر .”