الحق في السكن – حق من حقوق الإنسان الأساسية

مصدر الصورة: mastersenaiper / pixabay.com

تمثل تكاليف السكن أعلى  نفقات الأسرة في   بلدان  الاتحاد الأوروبي بسبب ارتفاع أسعار المساكن وإيجار  السكن وتكاليف البناء  فضلا عن  زيادة  فوائد  الرهن العقاري . وقد اسضافت بروكسل أواخر  العام الماضي أعمال أول  منتدى  مخصص للإسكان  حيث لفت  المشاركون  الانتباه  إلى أن  جميع الأوروبيين  بما فيهم  الشباب والفئات الضعيفة  يجب أن  يتمتعوا  بظروف سكن لائقة مذكرين بأن الحق في السكن  يعد  حقا من حقوق الإنسان  الأساسية .

وقد أظهر تقرير صدر عام 2023 أن ما يقارب  نصف   الأوروبيين  الذين  استأجروا  مساكن    خشيوا  أنهم   سيضطرون  للتخلي عنها  خلال الأشهر الثلاثة المقبلة لعجزهم عن تحمل  تكاليف السكن  . وفي الوقت نفسه أصبح التشرد أحد أكبر المشاكل  في أوروبا  حيث يقدر  عدد الأشخاص  بلا مأوى  بنحو مليون  نسمة .

الأمينة العامة لشبكة الإسكان في أوروبا  سورتشا إدواردز  قالت   إن أزمة الإسكان الحالية  ترتدي أشكالا عديدة. فبالإضافة إلى مشكلة  اكتظاظ  المناطق  والمساكن   هناك  مشكلة أخرى  يواجهها الأوروبيون هي ظاهرة  فقر الطاقة  أي السكن  في  مساكن  قديمة   لم  تخضع  لأعمال  تحديث  وعزل  حراري  وتصبح   حارة   جدا في الصيف وباردة  جدا في الشتاء. وتضاف إلى  ذلك  مساكن كبار السن أو ذوي الإعاقة  التي  غالبا لا تلبي  احتياجاتهم الخاصة . وقالت :”ضحايا العنف المنزلي الذين  لا يجدون  مسكنا  ينتقلون إليه  يمثلون أيضا وجها  من وجوه  أزمة الإسكان ولكن أسوأ  وجوه هذه الأزمة هو الأشخاص  بلا مأوى  .  أما أسباب   هذه  الأزمة   فهي الأخرى  معقدة  للغاية .

من جهة أخرى تبين  أن   السلطات المحلية والحكومات لا تملك الموارد اللازمة  لحل أزمة  الإسكان   وفي كثير من الأحيان تفتقر  إلى المعرفة والخبرة   اللازمة لإدارة هذا القطاع المعقد  بل تعقد   آمالها على  السوق  العقارية  لحل  المشكلة  ولكن  هذه  السوق  تسودها  الانتهازية والتربح  وليس بإمكانها    حل  مشاكل الإسكان  .”

تشير  إحصائيات يوروستات لعام 2023 إلى أن رومانيا   هي الدولة التي  توجد  فيها  أعلى نسبة من ملاك  المنازل  إذ  يملك  ثلاثة  وتسعون بالمائة  من  إجمالي  عدد السكان    المساكن  التي  يسكنون  فيها  في حين  أن نسبة  المستأجرين   لا تزيد  عن سبعة بالمائة. ولكن  من جهة أخرى فإن   مساكن  الرومانيين  تعد  من بين  الأكثر  اكتظاظا  في أوروبا . وبحسب  نفس الإحصائيات  كان واحد  فاصلة خمسة  بالمائة  من الأووربيين   يسكنون   في  مساكن  بدون  مرحاض  داخلي وحوض استحمام  أو دش  ولكن   أعلى  نسبة  من المساكن  التي  لا توجد  فيها  مثل هذه  التجهيزات   توجد  في رومانيا  بأكثر من  عشرين بالمائة تليها بلغاريا ولاتفيا  بسبعة بالمائة  للكل .

ما هي   الحلول التي يمكن لرومانيا تطبيقها  مستوحية   من مشاريع  ناجحة  نفذتها دول أخرى؟ : “لا يمكن  اللجوء إلى  نسخ ولصق   الحلول التي  طبقتها  دول أخرى  لمواجهة   مشاكل  قطاع الإسكان. ذلك أنه  لا بد  من الأخذ  في الاعتبار للخصائص والاحتياجات المحلية ومستوى  ​​الدخل المتوسط  فضلا عن  توقعات التطورات الديموغرافية وسوق العمل  لمعرفة ما إذا كانت  هناك مجالات  يتوقع أن تتوفر فيها فرص عمل أكثر؟ فهناك مجموعة واسعة من العوامل التي ينبغي أخذها في الاعتبار  ولكن حلا ناجعا   للغاية يتمثل  في  بناء المزيد  من  المساكن  الاجتماعية  أو بأرباح  محدودة  وهذا بالإضافة إلى  اختيارالنماذج   الذي تناسب الثقافة والاحتياجات المحلية على أفضل وجه   بما يؤدي إلى  تقليص  خطر الإخلاء  وتقليل  الكثافة  والاكتظاظ  وتقديم المزيد من  الخيارات  للسكان  “.

على الرغم من  اختلاف  الظروف من دولة   أوروبية إلى أخرى أو من منطقة إلى أخرى إلا أن   الصعوبات الرئيسية   التي تواجهها  المساعي الرامية إلى  الحد من أزمة السكن على المستوى الأوروبي لا تختلف كثيرا  عما  تواجه  رومانيا  من صعوبات  وعقبات  . سورتشا إدواردز:” نلاحظ   أن ارتفاع  أسعار مواد البناء  يبطئ  عملية  تسليم   المساكن  للمستفيدين كما  نلاحظ أننا لسنا  قادرين على الحصول  على أراض كافية   لبناء مساكن  جديدة  .أما  إذا تحدثنا عن  تكييف المباني القديمة   وهو حل ممتاز لتقليل البصمة الكربونية  فإن إحدى العقبات الرئيسية تتمثل في  الحصول على التصاريح من ملاكها . ولكن يمكننا  تذليل  هذه العتبات  شريطة أن  تكون  لنا  رؤية واضحة وإرادة سياسية  وأهداف محددة  بشكل واضح  .”

أسعار المساكن  والإيجار  ارتفعت  بشكل  كبير في رومانيا  ومع  ذلك  لا  تزال  أدنى  مقارنة  بدول أخرى  للاتحاد  الأوروبي .فمنذ عام  2010 وحتى  نهاية عام 2024    ارتفعت أسعار  المساكن والإيجار في المجر  وإستونيا بنسبة  مئتين  وثلاثين بالمائة  وفي   ليتوانيا وبنسبة مائة  وواحد وثمانين  بالمائة  وفي البرتغال بنسبة مائة وثلاثة عشر  بالمائة وفي بلغاريا  بنسبة مائة وعشرة بالمائة  أما في  رومانيا  فارتفعت  أسعار الإيجار والمساكن بأقل من ثلاثين بالمائة.