متحف سيغيشوارا

Credits: Agerpres

سيغيشوارا هي واحدة  من المدن  الرومانية  التي  تفتخر  بحي  قديم  جميل  يعود إلى القرون الوسطى  يزوره الكثير من السياح  الرومانيين  والأجانب الراغبين في مشاهدة  المعالم التاريخية التي يحتضنها  وأهمها  المدينة المحصنة  التي  تتضمن هي الأخرى   معالم  تاريخية  وحضارية متميزة  لعل أشهرها  برج الساعة   الذي أصبح  بمرور الوقت شعارا  للمدينة . كما أن  المدينة  المحصنة  تستضيف  مهرجانا سنويا  لفنون القرون  الوسطى  يحضره جمهور  غفير من  محبي الموسيقى والمسرح والرقص وعروض الشارع .

والجدير بالذكر أن أولى الآثار التاريخية  التي   اكتشفت  في  المدينة  تعود إلى  عصر الرومان  القدامى  وهي أنقاض   مستطونة وثكنة  عسكرية  أقيمتا على  أرض سيغيشوارا بعد استيلاء جيوش  الإمبراطورية الرومانية  على  المنقطة.  في القرن الثاني عشر الميلادي أرسل  ملك  المجر غيزا  إلى  المنطقة   مجموعات من الألمان القاطنين في وسط ألمانيا  الحالية لتولي  مهمة  الدفاع  عنها  أمام  الغزوات الأجنبية  فأقام  المستطنون الألمان عددا من  المدن في منقطة  ترانسيلفانيا ومن بينها  مدينة سيغيشوارا .

 أولى الوثائق الرسمية  التي  تشير إلى  المدينة  تعود إلى أواخر  القرن الثالث عشر. وعلى  مدى  الثمانمائة عام  من الوجود   تعاعقب على المدينة  فترات الهدوء والاستقرار  وفترات  الاضطرابات والأزمات  شهدت سيغيشوارا  أثناءها الغزوات وانتفاضات الفلاحين والحروب والحصار والحراك  الثوري فضلا عن  وباء الطاعون والحرائق. تاريخ  ملخص للمدينة  يقدمه متحف  سيغيشوارا   الذي يصادف  عام 2024  ذكرى تأسيسه   الخامسة والعشرين بعد المائة . مدير المتحف نيكولاي تيشكولا  حدثنا عن  بدايات  المؤسسة :”المتحف  هو عموما  المكان الذي  يحتفظ  بآثار وأعمال فنية    تسلط  الضوء على   هوية  الأمة التي تسكن  الأرض  المعنية  .فمتحف  سيغيشوارا  تأسس في  القرن  التاسع عشر الذي شهد تنامي   النزعات  القومية  في أوروبا مع  سعي مختلف  الأعراق    إلى الحفاظ  على  قيمها القومية والتعبير عنها.”

 في عام 1817 تأسس في بمدينة  سيبيو متحف  بروكنتال  كان ذلك الحدث  الذي   دفع  سكان  مدن أخرى  بتنظيم  متاحف مماثلة .وكان من بينها  متحف سيغيشوارا :  “أول  من قاموا  بتنظيم  مجموعة من المعورضات  هم  مدرسو  المدرسة الثانوية الألمانية  التابعة  للكنيسة  الإنجيلية وكانت  المجموعة  تتكنون من  أدوات  ومستلزمات مدرسية  . في عام  1879 أي في  فترة   سيطرة  الإمبراطورية  النمساوية على  منطقة  ترانسيلفانيا  استضافت  مدينة  سيغيشوارا  اجتماعا  للجمعية من أجل  ثقافة  الشعب  الروماني  وثم  اجتماعا  لمؤسسة  العلوم  التاريخية  في  شرق  الإمبراطورية النمساوية  .وكان أحد المبادرين  بعقد الاجتماع   عالم  اللاهوت والمؤرخ  كارل  فابريتسيوس والذي ولد في مدينة  سيغيشاورا  وكان  مدرسا في المدرسة الثانوية الألمانية  .وبمناسبة حضوره  الاجتماع   جمع  بعض الآثار والتحف الفنية من  المدينة  ومحيطها  وأقام  معرضا  بها  . كما أوصى  معاونيه الأصغر  سنا بتنظيم  متحف في المدينة  على  غرار متحف  بروكنتال  بسيبيو  لتسليط الضوء  على القيمة  التارخية  والحضارية  للمدينة  المحصنة.”

 تكللت  جهود  نخب  مدينة  سيغيشوارا من من أجل تخزين  وعرض  آثار الماضي  بالنجاح فإذا كان المدرس  كارل فابريتسيو  من بادر  بتأسيس  المتحف  وجمع  أولى  المعروضات  له كان  الطبيب  جوزيف باكون  من تولى  المهمة  من بعده  : “أحد المتطوعين الذين ساهموا في إقامة المعرض كان الشاب  جوزيف باكون. درس الطب وعاد  إلى سيغيشوارا  بعد التخرج  ليصبح  طبيب المدينة. في نهاية القرن التاسع عشر  قرر وجهاء المدنية   تنظيم متحف في  برج الساعة  الذي كان قد  استضاف في عام 1898  معرضا صغيرا  أطلق عليه  القاعة الأرستقراطية  .”

 شهد المتحف تغييرات  كثيرة  في العقود التالية:”استمرت عملية  جمع  وتنظيم  المعروضات  وأخيرا  افتتح  المتحف  في الخماس والعشرين  من يونيو حزيران  عام   1899.  وكان  من بين القائمين  عليه   مجموعة من الشغوفين للتاريخ  الذين أسسوا  جمعية  ثقافية   اتخذت  من مدينة  سيبيو  مقرا  لها وسعت  إلى الترويج  للقيم التاريخية والفنية  فأقامت معارض في مختلف المدن   لتعريف  الجمهور  بالفنانين التشكيليين في  منطقة  ترانسيلفانيا   وخاصة ذوي الأوصول  الألمانية . وقد تولت   الجمعية إدارة متحف  سيغيشوارا  حتى عام 1925. أما  بعد عام 1925 فأصبح المتحف تحت وصاية الكنيسة الإنجيلية  وأضيفت إلى معروضاته الأصلية  في السنوات التالية   مجموعات  جديدة  استعرضت   تاريخ سيغيشوارا  من العصر البرونزي إلى  الحرب العالمية الأولى. كما أقاموا  متحفا للأدوات  الكنسية ومعرضا   اثنوغرافيا صغيرا وحاولوا أيضا  تنظيم  حديقة   نباتات  قرب برج الساعة . فاعتبارا  من   عام 1933 يمكننا التحدث  عن  المجمع  المتحفي  بمدينة  سيغيشوارا.”